وَيُقَالُ: إِنَّهُ وَرِثَ ذَلِكَ الْجَمَالَ مِنْ جَدَّتِهِ سَارَةَ، وَكَانَتْ قَدْ أُعْطِيَتْ سُدُسَ الْحُسْنِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ذَهَبَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ بِثُلُثَيِ الْحَسَنِ (١).
فَلَمَّا رَآهُ مَالِكُ بْنُ ذُعْرٍ، ﴿قَالَ يَا بُشْرَى﴾ قَرَأَ الْأَكْثَرُونَ هَكَذَا بِالْأَلْفِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، بَشَّرَ الْمُسْتَقِي أَصْحَابَهُ يَقُولُ (٢) : أَبْشِرُوا. وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: يَا بُشْرَى، بِغَيْرِ إِضَافَةٍ، يُرِيدُ نَادَى الْمُسْتَقِي رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ اسْمُهُ بُشْرَى. ﴿هَذَا غُلَامٌ﴾ وَرَوَى ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ جُدْرَانَ الْبِئْرِ كَانَتْ تَبْكِي عَلَى يُوسُفَ حِينَ أُخْرِجَ مِنْهَا. ﴿وَأَسَرُّوهُ﴾ أَخْفَوْهُ، ﴿بِضَاعَةً﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَسَرَّهُ مَالِكُ بْنُ ذُعْرٍ وَأَصْحَابُهُ مِنَ التُّجَّارِ الَّذِينَ مَعَهُمْ وَقَالُوا: هُوَ بِضَاعَةٌ اسْتَبْضَعَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْمَاءِ إِلَى مِصْرَ خِيفَةَ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُمْ فِيهِ الْمُشَارَكَةَ.
وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ إِخْوَةَ يوسف أسروا ١٨٠/ب شَأْنَ يُوسُفَ وَقَالُوا هَذَا عَبْدٌ لَنَا [أَبِقَ] (٣).
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ فَأَتَى يَهُوذَا يُوسُفَ بِالطَّعَامِ فَلَمْ يَجِدْهُ فِي الْبِئْرِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ إِخْوَتَهُ، فَطَلَبُوهُ فَإِذَا هُمْ بِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ نُزُولًا فَأَتَوْهُمْ فَإِذَا هُمْ بِيُوسُفَ، فَقَالُوا هَذَا عَبْدٌ آبِقٌ مِنَّا. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ هَدَّدُوا يُوسُفَ حَتَّى لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُ. وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠) ﴾.
﴿وَشَرَوْهُ﴾ أَيْ: بَاعُوهُ، ﴿بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ قَالَ الضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ: حَرَامٌ لِأَنَّ ثَمَنَ الْحُرِّ حَرَامٌ، وَسُمِّيَ الْحَرَامُ بَخْسًا لِأَنَّهُ مَبْخُوسُ الْبَرَكَةِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ: بَخْسٍ أَيْ زُيُوفٍ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالشَّعْبِيُّ: بِثَمَنٍ قَلِيلٍ.
﴿دَرَاهِمَ﴾ بَدَلٌ مِنَ الثَّمَنِ، ﴿مَعْدُودَةٍ﴾ ذَكَّرَ الْعَدَدَ عِبَارَةٌ عَنْ قِلَّتِهَا.
وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَ مَعْدُودَةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يَزِنُونَ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، إِنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَهَا عَدًّا، فَإِذَا بَلَغَتْ أُوقِيَّةً وَزَنُوهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وقَتَادَةُ: عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَاقْتَسَمُوهَا دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا (٤).

(١) قال الألباني: منكر باطل بهذا اللفظ، لمخالفته للحديث الصحيح، ولأن إسناده واهٍ جدا. وانظر: المراجع السابقة.
(٢) في "ب": فقال.
(٣) ساقط من "ب".
(٤) قال الإمام أبو جعفر الطبري في التفسير: (١٦ / ١٥-١٦) :"والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنهم باعوه بدراهم معدودة غير موزونة، ولم يحد مبلغ ذلك بوزن ولا عدد، ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد يحتمل أن يكون كان عشرين، ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين، وأن يكون كان أربعين، وأقل من ذلك وأكثر. وأي ذلك كان، فإنها كانت معدودة غير موزونة، وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين، ولا في الجهل به دخول ضر فيه. والإيمان بظاهر التنزيل فرض. وما عداه فموضوع عنا تكلف علمه".


الصفحة التالية
Icon