وَقِيلَ: حَكَمًا يَعْنِي: إِصَابَةً فِي الْقَوْلِ: وَعِلْمًا: بِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا.
وَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَكِيمِ وَالْعَالِمِ، أَنَّ الْعَالِمَ: هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ، وَالْحَكِيمَ: الَّذِي يَعْمَلُ بِمَا يُوجِبُهُ الْعِلْمُ.
﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ أَيْضًا: الْمُهْتَدِينَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الصَّابِرِينَ عَلَى النَّوَائِبِ كَمَا صَبَرَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) ﴾.
﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ يَعْنِي: امْرَأَةَ الْعَزِيزِ. وَالْمُرَاوَدَةُ: طَلَبُ الْفِعْلِ، وَالْمُرَادُ هَا هُنَا أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا لِيُوَاقِعَهَا، ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ﴾ أَيْ: أَطْبَقَتْهَا، وَكَانَتْ سَبْعَةً، ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ أَيْ: هَلُمَّ وَأَقْبِلْ.
قَرَأَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالتَّاءِ.
وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: ﴿هِيتَ﴾ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: ﴿هَيْتُ﴾ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ.
وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وقَتَادَةُ: ﴿هِئْتُ لَكَ﴾ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ مَهْمُوزًا، يَعْنِي: تَهَيَّأْتُ لَكَ، وَأَنْكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ، وَقَالَا لَمْ يُحْكَ هَذَا عَنِ الْعَرَبِ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَقْرَأَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ (١).
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ (٢) كَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: هِيَ لُغَةٌ لِأَهْلِ حَوْرَانَ رُفِعَتْ إِلَى الْحِجَازِ مَعْنَاهَا [إِلَيَّ] (٣) تَعَالَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ أَيْضًا بِالْحَوْرَانِيَّةِ هَلُمَّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: هِيَ لُغَةٌ عَرَبِيَّةٌ وَهِيَ كَلِمَةُ حَثٍّ وَإِقْبَالٍ عَلَى الشَّيْءِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ الْعَرَبَ لَا تُثَنِّي ﴿هَيْتَ﴾ وَلَا تَجْمَعُ وَلَا تُؤَنِّثُ، وَإِنَّهَا بِصُورَةٍ (٤) وَاحِدَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ.
(٢) في "ب" أبو عبيد. وانظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ٣٠٥.
(٣) زيادة من "ب".
(٤) في "أ": بصوت.