ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ" (١).
وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ ابْنَ خَالِ الْمَرْأَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: لَمْ يَكُنْ صَبِيًّا وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا حَكِيمًا ذَا رَأْيٍ (٢).
قَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ ابْنُ عَمِّ رَاعِيلَ (٣)، فَحَكَمَ فَقَالَ: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ﴾ أَيْ: مِنْ قُدَّامٍ، ﴿فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.
﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩) ﴾.
﴿فَلَمَّا رَأَى﴾ قِطْفِيرُ، ﴿قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ عَرَفَ خِيَانَةَ امْرَأَتِهِ وَبَرَاءَةَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿قَالَ﴾ لَهَا ﴿إِنَّهُ﴾ أَيْ: إِنَّ هَذَا الصَّنِيعَ، ﴿مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّاهِدِ ثُمَّ أَقْبَلُ قِطْفِيرُ عَلَى يُوسُفَ فَقَالَ:
﴿يُوسُفُ﴾ أَيْ: يَا يُوسُفُ، ﴿أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ أَيْ: عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ حَتَّى لَا يَشِيعَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَكْتَرِثْ لَهُ، فَقَدْ بَانَ عُذْرُكَ وَبَرَاءَتُكَ.
ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ﴾ أَيْ: تُوبِي إِلَى اللَّهِ، ﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾
(٢) انظر: الدر المنثور ٤ / ٥٢٦.
(٣) قال الطبري في التفسير: (٢ / ٥٩) :"والصواب من القول في ذلك، قول من قال: كان صبيا في المهد للخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه ذكر من تكلم في المهد، فذكر أن أحدهم صاحب يوسف".