﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ أَعْظَمْنَهُ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هَالَهُنَّ أَمْرُهُ وَبُهِتْنَ. وَقِيلَ: أَكْبَرْنَهُ أَيْ: حِضْنَ لِأَجْلِهِ مِنْ جَمَالِهِ (١). وَلَا يَصِحُّ.
﴿وَقَطَّعْنَ﴾ أَيْ: حَزَّزْنَ بِالسَّكَاكِينِ الَّتِي مَعَهُنَّ، ﴿أَيْدِيَهُنَّ﴾ وَهُنَّ يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ، وَلَمْ يَجِدْنَ الْأَلَمَ لِشُغْلِ قُلُوبِهِنَّ بِيُوسُفَ.
قال مجاهد: ١٨٢/أفَمَا أَحْسَسْنَ إِلَّا بِالدَّمِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ (٢) : أَبَنَّ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا.
وَالْأَصَحُّ كَانَ قَطْعًا بِلَا إِبَانَةٍ.
وَقَالَ وَهْبٌ: مَاتَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُنَّ (٣).
﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا﴾ أَيْ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَشَرًا. قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: حَاشَى لِلَّهِ، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ، عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِحَذْفِ الْيَاءِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهَا عَلَى الْأَلْسُنِ، وَاتِّبَاعًا لِلْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ نُصِبَ بِنَزْعِ حَرْفِ الصِّفَةِ، أَيْ: لَيْسَ هَذَا بِبَشَرٍ، ﴿إِنْ هَذَا﴾ أَيْ: مَا هَذَا، ﴿إِلَّا مَلَكٌ﴾ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ﴿كَرِيمٌ﴾ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) ﴾.
﴿قَالَتْ﴾ يَعْنِي: رَاعِيلَ، ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ أَيْ: فِي حُبِّهِ، ثُمَّ صَرَّحَتْ بِمَا فَعَلَتْ، فَقَالَتْ: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ أَيْ: فَامْتَنَعَ، وَإِنَّمَا صَرَّحَتْ بِهِ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا مَلَامَةَ عَلَيْهَا مِنْهُنَّ وَقَدْ أَصَابَهُنَّ مَا أَصَابَهَا مِنْ رُؤْيَتِهِ، فَقُلْنَ لَهُ: أَطِعْ مَوْلَاتَكَ. فَقَالَتْ رَاعِيلُ: ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ﴾ وَلَئِنْ لَمْ يُطَاوِعْنِي فِيمَا دَعَوْتُهُ إِلَيْهِ، ﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ أَيْ: لِيُعَاقَبَنَّ بِالْحَبْسِ، ﴿وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ مِنَ الْأَذِلَّاءِ. وَنُونُ التَّوْكِيدِ تُثَقَّلُ وَتُخَفَّفُ، وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ بِالنُّونِ لِأَنَّهَا مُشَدَّدَةٌ، وَعَلَى قَوْلِهِ ﴿"وَلَيَكُونًا "﴾ بِالْأَلْفِ لِأَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِنُونِ الْإِعْرَابِ فِي الْأَسْمَاءِ، كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُ رَجُلًا وَإِذَا وَقَفْتَ، قَلْتَ: رَأَيْتُ رَجُلَا بالألف، ومثله: ﴿لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ﴾ (الْعَلَقِ -١٥، ١٦). فَاخْتَارَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السِّجْنَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ حِينَ تَوَعَّدَتْهُ الْمَرْأَةُ.

(١) وضعف هذا التفسير أيضا: الطبري: ١٦ / ٧٦-٧٧، وابن عطية في المحرر الوجيز: ٧ / ٤٩٥-٤٩٦.
(٢) في "ب": مجاهد.
(٣) قال الطبري في التفسير: ١٦ / ٧٩: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عنهن أنهن قطعن أيديهن وهنّ لا يشعرن لإعظام يوسف، وجائز أن يكون ذلك قطعا بإبانة =وجائز أن يكون قطع حز وخدش= ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل".


الصفحة التالية
Icon