وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً فَيَقْطَعُ رَحِمَهُ فَتُرَدُّ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالرَّجُلَ يَكُونُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَيَصِلُ رَحِمَهُ فَيُمَدُّ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي زِيَادَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَبْقَيْنَ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَنْظُرُ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى مِنْهُنَّ فِي أُمِّ الْكِتَابِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ" (١).
وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ: إِنَّ الْحَفَظَةَ يَكْتُبُونَ جَمِيعَ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ وَأَقْوَالِهِمْ، فَيَمْحُو اللَّهُ مِنْ دِيوَانِ الْحَفَظَةِ مَا لَيْسَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ، مِثْلُ قَوْلِهِ: أَكَلْتُ، شَرِبْتُ، دَخَلْتُ، خَرَجْتُ، وَنَحْوِهَا مِنْ كَلَامٍ هُوَ صَادِقٌ فِيهِ، وَيُثْبِتُ مَا فِيهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ، هَذَا قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَالْكَلْبِيِّ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَكْتُبُ الْقَوْلَ كُلَّهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ طَرَحَ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ.
وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَعُودُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَمُوتُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَهُوَ الَّذِي يَمْحُو، وَالَّذِي يُثْبِتُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَيَمُوتُ وَهُوَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ الَّذِي يُثْبِتُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ أَيْ مَنْ جَاءَ أَجَلُهُ يَذْهَبُ بِهِ وَيُثْبِتُ مَنْ لَمْ يَجِئْ أَجَلُهُ إِلَى أَجَلِهِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ مِنْ ذُنُوبِ الْعِبَادِ فَيَغْفِرُهَا وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ فَلَا يَغْفِرُهَا.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ مِنَ الذُّنُوبِ بِالتَّوْبَةِ، وَيُثْبِتُ بَدَلَ الذُّنُوبِ حَسَنَاتٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ (الْفُرْقَانُ -٧٠). وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ يَعْنِي الْقَمَرَ ﴿وَيُثْبِتُ﴾ يَعْنِي الشَّمْسَ، بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ (الْإِسْرَاءُ -١٢).
وَقَالَ الرَّبِيعُ: هَذَا فِي الْأَرْوَاحِ يَقْبِضُهَا اللَّهُ عِنْدَ النَّوْمِ، فَمَنْ أَرَادَ مَوْتَهُ مَحَاهُ (٢) فَأَمْسَكَهُ،
قال الهيثمي في المجمع (١٠ / ١٥٤-١٥٥) :"رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار بنحوه، وفيه زيادة بن محمد الأنصاري وهو منكر الحديث ".
(٢) في "ب": فجأة.