أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مِثْلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا" (١).
وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَشْبِيهِهَا بِالنَّخْلَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ: أَنَّ النَّخْلَةَ شِبْهُ (٢) الْأَشْجَارِ بِالْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِذَا قُطِعَ رَأْسُهَا يَبِسَتْ، وَسَائِرُ الْأَشْجَارِ تَتَشَعَّبُ مِنْ جَوَانِبِهَا بعد قطع رؤوسها (٣) وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْإِنْسَانَ فِي أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إِلَّا بِالتَّلْقِيحِ وَلِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ فَضْلِ طِينَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمْ" قِيلَ: وَمَنْ عَمَّتْنُا؟ قَالَ: "النَّخْلَةُ" (٤) ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (٥).
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (٢٦) ﴾.
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ وَهِيَ الشِّرْكُ، ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ وَهِيَ الْحَنْظَلُ (٦).

(١) متفق عليه، وسبق تخريجه قبل قليل ص (٣٤٦) تعليق (٣).
(٢) في "ب": أشبه.
(٣) في "ب": رأسها.
(٤) حديث ضعيف أخرجه أبو نعيم في الحلية: ٦ / ١٢٣، وأبو يعلى في مسنده، وابن أبي حاتم، وابن عدي في "الكامل": ٦ / ٢٤٢٤، والعقيلي في "الضعفاء" وابن السني وابن مردويه معا في الطب، قال الهيثمي: فيه مسرور بن سعيد، وهو ضعيف. وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ. انظر: مجمع الزوائد: ٥ / ٣٩، فيض القدير: ٢ / ٩٥، كشف الخفاء: ١ / ١٩٥، تمييز الطيب من الخبيث ص (٣٦)، تنزيه الشريعة المرفوعة لابن عراق: ١ / ٢٠٩، وانظر في الحكمة من تشبيه الإيمان بالنخلة أيضا: زاد المسير: ٤ / ٣٥٩-٣٦٠.
(٥) أي: ويمثل الله الأمثال للناس، ويشبه لهم الأشباه ليتذكروا حجة الله عليهم، فيعتبروا بها ويتعظوا، فينزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان. انظر: تفسير الطبري: ١٦ / ٥٦٧.
(٦) قال الطبري: ١٦ / ٥٨٥: وقد روي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة، خبر فإن صح، فلا قول يجوز أن يقال غيره، وإلا فإنها شجرة بالصفة التي وصفها الله بها. ثم ساق حديثا للترمذي والحاكم عن أنس ضعفه الشيخ محمود شاكر. انظر: الطبري: ١٦ / ٥٧٠-٥٧١، ٥٨٥.


الصفحة التالية
Icon