نُجُومًا غَيْرَهَا، وَهِيَ وَاللَّهِ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا فَهَذَا الْأَمْرُ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْخَلْقِ (١).
قَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: أَكَانَ يُرْمَى بِالنُّجُومِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾ [جن-٦] الْآيَةَ؟ قَالَ: غُلِّظَتْ وَشُدِّدَ أَمْرُهَا حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٢).
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الرَّجْمَ كَانَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ [مِثْلُهُ] (٣) فِي شِدَّةِ الْحِرَاسَةِ بَعْدَ مَبْعَثِهِ (٤).
وَقِيلَ: إِنَّ النَّجْمَ يَنْقَضُّ فَيَرْمِي الشَّيَاطِينَ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مَكَانِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠) ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾ بَسَطْنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، يُقَالُ: إِنَّهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ فِي مِثْلِهَا دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ (٥) ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ جِبَالًا ثَوَابِتَ، وَقَدْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَمِيدُ إِلَى أَنْ أَرْسَاهَا اللَّهُ بِالْجِبَالِ ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ أَيْ: فِي الْأَرْضِ ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ مُقَدَّرٍ مَعْلُومٍ.
وَقِيلَ: يَعْنِي فِي الْجِبَالِ، وَهِيَ جَوَاهِرُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهَا، حَتَّى الزَّرْنِيخِ وَالْكُحْلِ كُلُّ ذَلِكَ يُوزَنُ وَزْنًا.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُوزَنُ وَزْنًا (٦).
﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ جَمْعُ مَعِيشَةٍ، قِيلَ: أَرَادَ بِهَا الْمَطَاعِمَ وَالْمَشَارِبَ وَالْمَلَابِسَ [وَهِيَ مَا] (٧) يَعِيشُ بِهِ الْآدَمِيُّ (٨) فِي الدُّنْيَا ﴿وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ﴾ أَيْ: جَعَلْنَا فِيهَا مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ، أَيْ: جَعَلْنَاهَا لَكُمْ وَكَفَيْنَاكُمْ رِزْقَهَا، وَ"مَنْ" فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى "مَا" كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ﴾ (النُّورِ-٤٥).
(٢) رواه عبد الرزاق عن معمر. انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ص (٤٢٩) تحقيق السيد صقر.
(٣) استدركناها من "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة واضطربت العبارة في المطبوع اضطرابا كثيرا، وفيها زيادات، ليست في "تأويل المشكل" ولا في النسخ الخطية.
(٤) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ص (٤٣٠).
(٥) انظر: البحر المحيط: ٥ / ٤٥٠. وذكر المصنف ذلك بصيغة التمريض، ولا دليل ثابت عن المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك.
(٦) والمعنى الأول أعم وأحسن. انظر: المحرر الوجيز: ٨ / ٢٩٣.
(٧) في "أ" وقيل.
(٨) في "ب" المرء.