قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ [رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا وَأَنْ يُنَحِّيَ الْجِبَالَ عَنْهُمْ فَيَزْرَعُوا فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أَسَتَأْنِيَ بِهِمْ فَعَلْتُ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُوتِيهِمْ ما سألوا ٢١٠/ب فَعَلْتُ فَإِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا أَهْلَكْتُهُمْ كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ [مِنَ الْأُمَمِ] (٢) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا بَلْ تَسْتَأْنِي بِهِمْ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (٣)

(١) ساقط من "أ".
(٢) ساقط من "ب".
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ١ / ٢٥٨ والحاكم في المستدرك: ٢ / ٣٦٢ والطبري: ١٥ / ١٠٨ والواحدي في أسباب النزول ص (٣٣٣-٣٣٤) والنسائي في تفسيره: ١ / ٦٥٦ وزاد السيوطي نسبته للبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل" والضياء في "المختارة" وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند برقم (٢٣٣٣). انظر: الدر المنثور: ٥ / ٣٠٦-٣٠٧ مجمع الزوائد: ٧ / ٥٠، ابن كثير: ٣ / ٤٨.

﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (٦٠) ﴾
﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ﴾ الَّتِي سَأَلَهَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ ﴿إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾ فَأَهْلَكْنَاهُمْ فَإِنْ لَمْ يُؤَمِنْ قَوْمُكَ بَعْدَ إِرْسَالِ الْآيَاتِ أَهْلَكْتُهُمْ لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِنَا فِي الْأُمَمِ إِذَا سَأَلُوا الْآيَاتِ ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا بَعْدَ إِتْيَانِهَا أَنْ نُهْلِكَهُمْ وَلَا نُمْهِلَهُمْ وَقَدْ حَكَمْنَا بِإِهْلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْعَذَابِ فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: "بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" (الْقَمَرِ-٤٦) ثُمَّ قَالَ:
﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ مُضِيئَةً بَيِّنَةً ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ أَيْ: جَحَدُوا بِهَا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا قَالَ: "بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ" (الْأَعْرَافِ-٩) أَيْ: يَجْحَدُونَ وَقِيلَ: ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَكْذِيبِهَا يُرِيدُ فَعَاجَلْنَاهُمْ بِالْعُقُوبَةِ.
﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ﴾ أَيِ: الْعِبَرِ وَالدَّلَالَاتِ ﴿إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ لِلْعِبَادِ لِيُؤْمِنُوا
قَالَ قَتَادَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ النَّاسَ (١) بِمَا شَاءَ مِنْ آيَاتِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ أَيْ: هُمْ فِي قَبْضَتِهِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْ مَشِيئَتِهِ فَهُوَ حَافِظُكَ وَمَانِعُكَ مِنْهُمْ فَلَا تَهَبْهُمْ وَامْضِ إِلَى مَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ
(١) في "ب": العباد.


الصفحة التالية
Icon