وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّمَا خَلْقَ اللَّهُ النُّجُومَ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: لِتَكُونَ زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَمَعَالِمَ لِلطُّرُقِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ (١)
﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) ﴾
﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ﴾ يَعْنِي: اللَّهَ تَعَالَى، ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ يَعْنِي الْأَصْنَامَ، ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ﴾ لِتَقْصِيرِكُمْ فِي شُكْرِ نِعَمِهِ، ﴿رَحِيمٌ﴾ بِكُمْ حَيْثُ وَسَّعَ عَلَيْكُمُ النِّعَمَ، وَلَمْ يَقْطَعْهَا عَنْكُمْ بِالتَّقْصِيرِ وَالْمَعَاصِي. ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: الْأَصْنَامَ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ " يَدْعُونَ " بِالْيَاءِ. ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ ﴿أَمْوَاتٌ﴾ أَيِ: الْأَصْنَامُ ﴿غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ يَعْنِي: الْأَصْنَامَ ﴿أَيَّانَ﴾ مَتَى (٢) ﴿يُبْعَثُونَ﴾ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْنَامَ تُبْعَثُ وَتُجْعَلُ فِيهَا الْحَيَاةُ فَتَتَبَرَّأُ مِنْ عَابِدِيهَا.
وَقِيلَ: مَا يَدْرِي الْكُفَّارُ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ مَتَى يُبْعَثُونَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ﴾ جَاحِدَةٌ، ﴿وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ مُتَعَظِّمُونَ.

(١) أخرجه البخاري تعليقا في بدء الخلق، باب في النجوم: ٦ / ٢٩٥، ووصله الطبري في التفسير: ١٤ / ٩١-٩٢، وأخرجه عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وزاد في آخره: "وإن ناسا جهلة بأمر الله، قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة: من غرس بنجم كذا كان كذا، ومن سافر بنجم كذا كان كذا، ولعمري ما من النجوم نجم إلا ويولد به الطويل والقصير، والأحمر والأبيض، والحسن والدميم. وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذا الطائر شيء من الغيب". انظر: فتح الباري: ٦ / ٢٩٥، تفسير ابن كثير: ٤ / ٣٩٧. وراجع حكم التنجيم وتفصيل القول فيه: تفسير القرطبي: ١١ / ١، ١٩ / ٢٨-٢٩، فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص ٣٦٥-٣٧٠، عالم الغيب والشهادة تأليف عثمان جمعة ضميريه ص (١٢٨-١٣١).
(٢) ساقط من "ب".


الصفحة التالية
Icon