بِصَاحِبِهِ (١) ثُمَّ يُفْشِي وَاحِدٍ سِرَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَفَعَلُوا فَإِذَا هُمْ جَمِيعًا عَلَى الْإِيمَانِ وَإِذَا كَهْفٌ فِي الْجَبَلِ قَرِيبٌ مِنْهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَدَخَلُوا الْكَهْفَ وَمَعَهُمْ كَلْبُ صَيْدِهِمْ فَنَامُوا ثَلَاثَمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا وَفَقَدَهُمْ قَوْمُهُمْ فَطَلَبُوهُمْ فَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ آثَارَهُمْ وَكَهْفَهُمْ فَكَتَبُوا أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ فِي لَوْحٍ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ أَبْنَاءُ مُلُوكِنَا فَقَدْنَاهُمْ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا فِي مَمْلَكَةِ فُلَانِ بن فُلَانٍ وَوَضَعُوا اللَّوْحَ (٢) فِي خِزَانَةِ الْمَلِكِ وَقَالُوا: لَيَكُونَنَّ لِهَذَا شَأْنٌ وَمَاتَ ذَلِكَ الْمَلِكُ وَجَاءَ قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: جَاءَ حَوَارِيُّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مَدِينَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَلَى بَابِهَا صَنَمًا لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ فَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَأَتَى حَمَّامًا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ فَكَانَ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنَ الْحَمَّامِيِّ وَيَعْمَلُ فِيهِ وَرَأَى صَاحِبُ الْحَمَّامِ فِي حَمَّامِهِ الْبَرَكَةَ وَعَلِقَهُ فِتْيَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ خَبَرَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَخَبَرَ الْآخِرَةِ حَتَّى آمَنُوا وَصَدَّقُوهُ وَكَانَ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنَّ اللَّيْلَ لِي لَا يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَلَا بَيْنَ الصَّلَاةِ أَحَدٌ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَتَى ابْنُ الْمَلِكِ بِامْرَأَةٍ فَدَخَلَ بِهَا الْحَمَّامَ فَعَيَّرَهُ الْحَوَارِيُّ وَقَالَ: أَنْتَ ابْنُ الْمَلِكِ وَتَدْخُلُ مَعَ هَذِهِ؟ فَاسْتَحْيَا وَذَهَبَ فَرَجَعَ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَسَبَّهُ وَانْتَهَرَهُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَا مَعًا فَمَاتَا فِي الْحَمَّامِ وَأَتَى الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: قَتَلَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ ابْنَكَ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ وَهَرَبَ (٣) فَقَالَ: مَنْ كَانَ يَصْحَبُهُ؟ فَسَمَّوُا الْفِتْيَةَ فَالْتُمِسُوا فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَمَرُّوا بِصَاحِبٍ لَهُمْ عَلَى مَثَلِ إِيمَانِهِمْ فَانْطَلَقَ مَعَهُمْ وَمَعَهُ كَلْبٌ حَتَّى آوَاهُمُ اللَّيْلُ إِلَى الْكَهْفِ فَدَخَلُوهُ (٤) وَقَالُوا: [نَلْبَثُ هَاهُنَا إِلَى اللَّيْلِ] (٥) ثُمَّ نُصْبِحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَرَوْنَ رَأْيَكُمْ فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَخَرَجَ الْمَلِكُ فِي أَصْحَابِهِ يَبْتَغُونَهُمْ حَتَّى وَجَدُوهُمْ فَدَخَلُوا الْكَهْفَ فَلَمَّا أَرَادَ رَجُلٌ مِنْهُمْ دُخُولَهُ أُرْعِبَ فَلَمْ يُطِقْ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَيْسَ لَوْ قَدَرْتَ عَلَيْهِمْ قَتَلْتَهُمْ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَابْنِ عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ [وَاتْرُكْهُمْ فِيهِ يَمُوتُونَ جُوعًا وَعَطَشًا فَفَعَلَ.
قَالَ وَهْبٌ: فَعَبَرَ زَمَانٌ بَعْدَ زَمَانٍ] (٦) بَعْدَمَا سُدَّ عَلَيْهِمْ بَابُ الْكَهْفِ ثُمَّ إِنَّ رَاعِيًا أَدْرَكَهُ الْمَطَرُ عِنْدَ الْكَهْفِ فَقَالَ لَوْ فَتَحْتُ هَذَا الْكَهْفَ وَأَدْخَلْتُ غَنَمِي فِيهِ مِنَ الْمَطَرِ لَكَانَ حَسَنًا فَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُهُ حَتَّى فُتِحَ وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَرْوَاحَهُمْ مِنَ الْغَدِ حِينَ أَصْبَحُوا.
(٢) زيادة من "ب".
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "أ".
(٥) في "ب": نبيت هنا الليلة.
(٦) ساقط من "أ".