رَاقِدٍ مِثْلِ قَاعِدٍ وَقُعُودٍ وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ حَالُهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُفَتَّحِي الْأَعْيُنِ (١) يَتَنَفَّسُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ.
﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ مَرَّةً لِلْجَنْبِ الْأَيْمَنِ وَمَرَّةً لِلْجَنْبِ الْأَيْسَرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا يُقَلَّبُونَ فِي السَّنَةِ مَرَّةً مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ لِئَلَّا تَأْكُلَ الْأَرْضُ لُحُومَهُمْ. وَقِيلَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ تَقَلُّبِهِمْ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ لَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَقَلُّبَانِ.
﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَنْ جِنْسِ الْكِلَابِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّهُ كَانَ أَسَدًا وَسُمِّي الْأَسَدُ كَلْبًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ" فَافْتَرَسَهُ أَسَدٌ (٢).
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (٣).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ كَلْبًا أَغَرَّ. وَيُرْوَى عَنْهُ: فَوْقَ الْقَلَطِيِّ (٤) وَدُونَ الْكُرْدِيِّ [وَالْقَلَطِيُّ: كَلْبٌ صِينِيٌّ] (٥).
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ أَصْفَرَ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: كَانَ شِدَّةُ (٦) صُفْرَتِهِ تَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَوْنُهُ كَالْخَلْنَجِ وَقِيلَ: لَوْنُ الْحَجَرِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ اسْمُهُ قِطْمِيرَ وَعَنْ عَلِيٍّ: اسْمُهُ رَيَّانُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بِتُورُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: تَوْرٌ وَقَالَ كَعْبٌ: صَهِيلَةُ (٧).
قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانِ: لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ سِوَى كَلْبِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَحِمَارِ بَلْعَامَ.
قَوْلُهُ ﴿بِالْوَصِيدِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَاكُ: "وَالْوَصِيدُ": فِنَاءُ الْكَهْفِ وَقَالَ عَطَاءٌ: "الْوَصِيدُ" عَتَبَةُ الْبَابِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: "الْوَصِيدُ" الْبَابُ وَهُوَ رِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَكُنْ لِلْكَهْفِ بَابٌ وَلَا عَتَبَةٌ؟
قِيلَ: مَعْنَاهُ مَوْضِعُ الْبَابِ وَالْعَتَبَةِ كَانَ الْكَلْبُ قَدْ بَسَطَ ذِرَاعَيْهِ وَجَعَلَ وَجْهَهُ عَلَيْهِمْ.
قَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ إِذَا انْقَلَبُوا انْقَلَبَ الْكَلْبُ مَعَهُمْ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى الْيَمِينِ كَسَرَ الْكَلْبُ أُذُنَهُ الْيُمْنَى وَرَقَدَ عَلَيْهَا وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى الشَّمَالِ كسر أذنه اليسر وَرَقَدَ عَلَيْهَا.
(٢) صححه الحاكم في المستدرك: ٢ / ٥٣٩ ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ٤ / ٣٩ وعزاه أيضا للبيهقي في الدلائل. انظر: الكافي الشاف ص (١٦٠).
(٣) في "ب": المعروف.
(٤) في الدر المنثور: القبطي والقلطي: القصير من الناس والسنانير والكلاب.
(٥) ساقط من "ب".
(٦) ساقط من "ب".
(٧) انظر: التعليق (٢) ص (١٤٥) من السورة.