حِصْنٍ. وَقِيلَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ أَيْ مُرَادَهُ فِي طَلَبِ الشَّهَوَاتِ ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: ضَيَاعًا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَيَّعَ أَمْرَهُ (١) وَعَطَّلَ أَيَّامَهُ وَقِيلَ: نَدَمًا. وَقَالَ مُقَاتِلُ ابن حَيَّانَ: سَرَفًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَتْرُوكًا. وَقِيلَ بَاطِلًا. وَقِيلَ: مُخَالِفًا لِلْحَقِّ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ (٢). قِيلَ: مَعْنَى التَّجَاوُزِ فِي الْحَدِّ هُوَ قَوْلُ عُيَيْنَةَ: إِنْ أَسْلَمْنَا أَسْلَمَ النَّاسُ وَهَذَا إِفْرَاطٌ عَظِيمٌ.
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩) ﴾
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ مَعْنَاهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْفَلْنَا قُلُوبَهُمْ عَنْ ذِكْرِنَا: أَيُّهَا النَّاسُ [قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ رَبِّكُمُ الْحَقُّ] (٣) وَإِلَيْهِ التَّوْفِيقُ وَالْخِذْلَانُ وَبِيَدِهِ الْهُدَى وَالضَّلَالُ لَيْسَ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ هَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ كَقَوْلِهِ: "اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ" (فُصِّلَتْ-٤٠) (٤).
وَقِيلَ مَعْنَى الْآيَةِ: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَسْتُ بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ لِهَوَاكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ فَآمِنُوا وَإِنْ شِئْتُمْ فَاكْفُرُوا فَإِنْ كَفَرْتُمْ فَقَدْ أَعَدَّ لَكُمْ رَبُّكُمْ نَارًا أَحَاطَ بِكُمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ آمَنْتُمْ فَلَكُمْ مَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ (٥).
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ وَمَنْ شَاءَ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ (٦) وَهُوَ قوله: "وما تشاؤن إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" (الْإِنْسَانِ-٣٠).
﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا﴾ أَعْدَدْنَا وَهَيَّأْنَا مِنَ الْإِعْدَادِ (٧) وَهُوَ الْعُدَّةُ ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ لِلْكَافِرِينَ ﴿نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ "السُّرَادِقُ": الْحُجْرَةُ الَّتِي تُطِيفُ (٨) بِالْفَسَاطِيطِ.
(٢) انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٣.
(٣) في "ب": الحق من ربكم.
(٤) قاله الزجاج: انظر: زاد المسير: ٥ / ١٣٤ ابن كثير: ٣ / ٨٢.
(٥) وهو ما اعتمده الطبري: ١٥ / ٢٣٧.
(٦) أخرجه الطبري عن ابن عباس: ١٥ / ٢٣٧-٢٣٨.
(٧) في "ب": العتاد.
(٨) في "ب": تحيط.