وَالصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَ فِي التَّوَارِيخِ وَثَبَتَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ٢٢١/أأَنَّهُ الْخَضِرُ (١) وَاسْمُهُ بَلِيَا بْنُ مَلْكَانَ (٢) قِيلَ: كَانَ مِنْ نَسْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ تَزَهَّدُوا فِي الدُّنْيَا وَالْخَضِرُ لَقَبٌ لَهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّشٍ الزِّيَادَيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا سُمِّيَ خَضِرًا لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ تحته خضرا" (٣).
قَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَ خَضِرًا لِأَنَّهُ إِذَا صَلَّى اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ.
وَرُوِّينَا: أَنَّ مُوسَى رَأَى الْخَضِرَ مُسَجًّى بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٤).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَقِيَهُ مُسَجًّى بِثَوْبٍ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ بَعْضُ الثَّوْبِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَبَعْضُهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَقِيَهُ وَهُوَ يُصَلِّي. وَيُرْوَى لَقِيَهُ عَلَى طُنْفُسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كبد البحر فلذلك قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥) ﴾
﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً﴾ أَيْ نِعْمَةً ﴿مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ أَيْ: عِلْمَ الْبَاطِنِ إِلْهَامًا وَلَمْ يَكُنِ الْخَضِرُ نَبِيًّا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ (٥).

(١) تقدم ذلك في الأحاديث السابقة وانظر: صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى عليه السلام: ٦ / ٤٣١-٤٣٣، وهو بفتح الخاء وكسر الضاد ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء وفتحها.
(٢) انظر: المعارف لابن قتيبة ص ٤٢ تهذيب الأسماء واللغات للنووي: ١ / ١٧٦، فتح الباري: ٦ / ٤٣٣.
(٣) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى: ٦ / ٤٣٣.
(٤) تقدم تخريج هذه الرواية والتي تليها.
(٥) بين أهل العلم خلاف في شأن الخضر هل هو نبي أم لا؟ وفي كونه باقيا إلى الآن ثم إلى يوم القيامة، ومال ابن الصلاح إلى بقائه وذكروا في ذلك حكايات وآثارا عن السلف وغيرهم وجاء في ذكره في بعض الأحاديث -أي بقاؤه حيا- ولا يصح شيء من ذلك وأشهرها حديث التعزية وإسناده ضعيف ورجح آخرون من المحدثين خلاف ذلك وبأنه لم ينقل أنه جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا حضر عنده ولا قاتل معه ولو كان حيا لكان من أتباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لأنه عليه السلام كان مبعوثا إلى جميع الثقلين: الجن والإنس، وقد قال: "لو كان موسى وعيسى حيين ما وسعهما إلا اتباعي"، وأخبر قبل موته بقليل: أنه لا يبقى ممن هو على وجه الأرض إلى مائة سنة من ليلته تلك عين تطرف إلى غير ذلك من الدلائل. انظر: تفسير ابن كثير: ٣ / ١٠٠-١٠١، تفسير القرطبي: ١١ / ٤١-٤٢، المنار المنيف لابن القيم ص (٦٧-٧٦) مع تعليق المحقق، فتح الباري: ٦ / ٤٣٤-٤٣٦، الزهر النضر في نبأ الخضر للحافظ ابن حجر العسقلاني، وهي رسالة منشورة في مجموعة الرسائل المنيرة: ٢ / ١٩٥-٢٣٤، تهذيب الأسماء واللغات للنووي: ١ / ١٧٦-١٧٧.


الصفحة التالية
Icon