أَيْ: وَجَبَتْ بِالْقَضَاءِ السَّابِقِ حَتَّى مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ أَيْ: مَآلُ أَمْرِهِمْ، وَهُوَ خَرَابُ مَنَازِلِهِمْ بِالْعَذَابِ وَالْهَلَاكِ.
﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) ﴾
﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ﴾ يَا مُحَمَّدُ، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ " يَهْدِي " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ أَيْ: لَا يَهْدِي اللَّهُ مَنْ أَضَلَّهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ يَعْنِي مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ كَمَا قَالَ: "ومن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ" (الْأَعْرَافِ-١٨٦).
﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ أَيْ: مَانِعِينَ مِنَ الْعَذَابِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ وَهُمْ مُنْكِرُو الْبَعْثِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: ﴿بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ أَيْ: لِيُظْهِرَ لَهُمُ الْحَقَّ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾ ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَبْعَثَ الْمَوْتَى فَلَا تَعَبَ عَلَيْنَا فِي إِحْيَائِهِمْ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَحْدُثُ، إِنَّمَا نَقُولُ لَهُ: كُنْ، فَيَكُونُ.
أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّشٍ الزِّيَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي عَبْدِي، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، أَنْ يَقُولَ: لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأَنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ" (١).