﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ يَعْنِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٤٧) ﴾
﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَالِبِ لِلْبَاءِ فِي قَوْلِهِ ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ قِيلَ: هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا﴾ وإلا بِمَعْنَى غَيْرُ، مَجَازُهُ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قبلك بالبينات ٢٠٠/أوَالزُّبُرِ غَيْرَ رِجَالٍ يُوحَى إِلَيْهِمْ وَلَمْ نَبْعَثْ مَلَائِكَةً.
وَقِيلَ: تَأْوِيلُهُ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا يُوحَى إِلَيْهِمْ [أَرْسَلْنَاهُمْ] (١) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ. ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ أَرَادَ بِالذِّكْرِ الْوَحْيَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا لِلْوَحْيِ، وَبَيَانُ الْكِتَابِ يُطْلَبُ مِنَ السُّنَّةِ، ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا﴾ عَمِلُوا ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ مِنْ قَبْلُ، يَعْنِي: نَمْرُودَ بْنَ كَنْعَانَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْكُفَّارِ، ﴿أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ﴾ بِالْعَذَابِ، ﴿فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ تَصَرُّفِهِمْ فِي الْأَسْفَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي اخْتِلَافِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فِي إِقْبَالِهِمْ وَإِدْبَارِهِمْ، ﴿فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ بِسَابِقِينَ اللَّهَ. ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ وَالتَّخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ، أَيْ: يُنْقِصُ مِنْ أَطْرَافِهِمْ وَنَوَاحِيهِمُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ حَتَّى يَهْلَكَ جَمِيعُهُمْ، يُقَالُ: تَخَوَّفَهُ الدَّهْرُ وَتَخَوَّنَهُ: إِذَا نَقَصَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ وَحَشَمَهُ.
وَيُقَالُ: هَذَا لُغَةُ بَنِي هَزِيلٍ.
وَقَالَ الضَّحَاكُ وَالْكَلْبِيُّ: مِنَ الْخَوْفِ، أَيْ: يُعَذِّبُ طَائِفَةً فَيَتَخَوَّفُ الْآخَرُونَ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ.
﴿فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ حِينَ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْعُقُوبَةِ.