﴿أَضَاعُوا الصَّلَاةَ﴾ تَرَكُوا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ (١).
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ: أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: هُوَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَصْرُ، وَلَا الْعَصْرَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ (٢).
﴿وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ أَيِ الْمَعَاصِي وَشُرْبَ الْخَمْرِ، يَعْنِي آثَرُوا شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَظْهَرُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَنْزُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَزِقَّةِ.
﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ قَالَ وَهْبٌ: "الْغَيُّ" نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدٌ قَعْرُهُ خَبِيثٌ طَعْمُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "الْغَيُّ" وَادٍ فِي جَهَنَّمَ وَإِنَّ أَوْدِيَةَ (٣) جَهَنَّمَ لَتَسْتَعِيذُ مِنْ حَرِّهِ أُعِدَّ لِلزَّانِي الْمُصِرِّ عَلَيْهِ وَلِشَارِبِ الْخَمْرِ الْمُدْمِنِ عَلَيْهَا وَلِآكِلِ الرِّبَا الَّذِي لَا يَنْزِعُ عَنْهُ وَلِأَهْلِ الْعُقُوقِ وَلِشَاهِدِ الزُّورِ (٤).
وَقَالَ عَطَاءٌ: "الْغَيُّ": وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ قَيْحًا وَدَمًا.
وَقَالَ كَعْبٌ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ أَبْعَدُهَا قَعْرًا، وَأَشَدُّهَا حَرًّا فِي بِئْرٍ تُسَمَّى "الْهِيمُ" كُلَّمَا خَبَتْ جَهَنَّمُ فَتَحَ اللَّهُ تِلْكَ الْبِئْرَ فَيُسَعِّرُ بِهَا جَهَنَّمَ (٥).
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَارِثِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلَّالُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: "إِنَّ مَا بَيْنَ شَفِيرِ جَهَنَّمَ إِلَى قَعْرِهَا مَسِيرَةُ سَبْعِينَ خَرِيفًا مِنْ حَجَرٍ يَهْوِي أَوْ قَالَ صَخْرَةٍ تَهْوِي عِظَمُهَا كَعَشْرِ عَشْرَوَاتِ عِظَامٍ سِمَانٍ فَقَالَ لَهُ مَوْلَىً لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: هَلْ تَحْتَ ذَلِكَ شَيْءٌ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟
(٢) وهو مروي عن القاسم بن مخيمرة، وعمر بن عبد العزيز والنخعي ومجاهد. هذا وكل ما روي عن السلف -رحمه الله- في تأويل الآية داخل في معناها، لأن تأخيرها عن وقتها، وعدم إقامتها في الجماعة، والإخلال بشروطها، وجحد وجوبها، وتعطيل المساجد منها -وهذه كلها أقوال في تفسير الآية- كل ذلك إضاعة لها وإن كانت أنواع الإضاعة تتفاوت. انظر: "تفسير القرطبي" ١١ / ١٢٢-١٢٥، "أضواء البيان": ٤ / ٣٠٨.
(٣) ساقط من "أ".
(٤) انظر: القرطبي: ١١ / ١٢٥.
(٥) انظر القرطبي: نفسه.