قَالَ: نَعَمْ غَيٌّ وَآثَامُّ" (١).
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: غَيًّا وَخُسْرَانًا. وَقِيلَ: هَلَاكًا. وَقِيلَ: عَذَابًا (٢).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ لَيْسَ مَعْنَاهُ يَرَوْنَ فَقَطْ، بَلْ مَعْنَاهُ الِاجْتِمَاعُ وَالْمُلَابَسَةُ (٣) مَعَ الرُّؤْيَةِ.
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) ﴾
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾. ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ﴾ وَلَمْ يَرَوْهَا ﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾ يَعْنِي: آتِيًا مَفْعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ.
وَقِيلَ: لَمْ يَقُلْ آتِيًا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَتَاكَ فَقَدْ أَتَيْتَهُ وَالْعَرَبُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَتَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ سَنَةً وَبَيْنَ قَوْلِهِ: أَتَيْتُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَيَقُولُ: وَصَلَ إِلَيَّ الْخَيْرُ وَوَصَلْتُ إِلَى الْخَيْرِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "وَعْدُهُ" أَيْ: مَوْعِدُهُ وَهُوَ الْجَنَّةُ "مَأْتِيًّا" يَأْتِيهِ أَوْلِيَاؤُهُ [أَهْلُ الْجَنَّةِ] (٤) وَأَهْلُ طَاعَتِهِ (٥). ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا﴾ فِي الْجَنَّةِ ﴿لَغْوًا﴾ بَاطِلًا وَفُحْشًا وَفُضُولًا مِنَ الْكَلَامِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ.
﴿إِلَّا سَلَامًا﴾ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ يَعْنِي: بَلْ يَسْمَعُونَ فِيهَا سَلَامًا أَيْ: قَوْلًا يَسْلَمُونَ مِنْهُ "وَالسَّلَامُ" اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ السَّلَامَةَ.
(٢) قال الطبري: (١٦ / ١٠) :"وكل هذه الأقوال متقاربات المعاني وذلك أن من ورد البئرين التين ذكرهما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والوادي الذي ذكره ابن مسعود في جهنم فدخل ذلك فقد لاقى خسرانا وشرا حْسب، هـ به شرا"!.
(٣) في "ب" الملامسة.
(٤) زيادة من "ب" وليست في الطبري.
(٥) عبارة الطبري في التفسير: (١٦ / ١٠١) :"إن الله كان" ووعده في هذا الموضع: موعوده وهو الجنة "مأتيا" يأتيه أولياؤه وأهل طاعته الذين يدخلهموها الله. وقال بعض نحوي الكوفة: خرج الخبر على أن الوعد هو المأتي ومعناه: أنه هو الذي يأتي. ولم يقل: وكان وعده آتيا لأن كل ما أتاك فأنت تأتيه وقال: ألا ترى أنك تقول: أتيت على خمسين سنة وأتت علي خمسون سنة وكل ذلك صواب..".