احْتَبَسْتُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ وأَنْزَلَ: "وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى" (١).
﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أَيْ: لَهُ عِلْمُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ مَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ (٢).
وَقِيلَ ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ مَا مَضَى مِنْهَا ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أَيْ: مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً.
وَقِيلَ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ مَا مَضَى مِنْهَا ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ مُدَّةُ حَيَاتِنَا.
وَقِيلَ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ بَعْدَ أَنْ نَمُوتَ ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ قَبْلَ أَنْ نُخْلَقَ ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ مُدَّةُ الْحَيَاةِ (٣).
وَقِيلَ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ الْأَرْضُ إِذَا أَرَدْنَا النُزُولَ إِلَيْهَا ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ السَّمَاءُ إِذَا نَزَلْنَا مِنْهَا ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ الْهَوَاءُ يُرِيدُ: أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا نَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِأَمْرِهِ. ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ أَيْ: نَاسِيًا يَقُولُ: مَا نَسِيَكَ رَبُّكَ أَيْ: مَا تَرَكَكَ وَالنَّاسِي التَّارِكُ.
(٢) انظر: الدر المنثور: ٥ / ٥٣١.
(٣) انظر: زاد المسير: ٥ / ٥٣١.
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) ﴾
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾ أَيِ: اصْبِرْ عَلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَثَلًا (١).
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا يُسَمَّى "اللَّهُ" غَيْرَهُ (٢) ؟
(٢) انظر: زاد المسير: ٥ / ٢٥١.