أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ" قَالَ: قَلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ قَالَ: أَفَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ (١).
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ وَاضِحَاتٍ ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يَعْنِي: النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَذَوِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَعْنِي فُقَرَاءَ (٢) أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ فِيهِمْ قَشَافَةٌ وَفِي عَيْشِهِمْ خُشُونَةٌ وَفِي ثِيَابِهِمْ رَثَاثَةٌ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُرَجِّلُونَ شُعُورَهُمْ وَيَدْهُنُونَ رُءُوسَهُمْ وَيَلْبَسُونَ حَرِيرَ ثِيَابِهِمْ فَقَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا﴾ مَنْزِلًا وَمَسْكَنًا [وَهُوَ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: " مُقَامًا " بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ إِقَامَةً] (٣).
﴿وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ أَيْ مَجْلِسًا وَمِثْلُهُ النَّادِي فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا﴾ أَيْ مَتَاعًا وَأَمْوَالًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِبَاسًا وَثِيَابًا ﴿وَرِئْيًا﴾ قَرَأَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ بِالْهَمْزِ أَيْ: مَنْظَرًا مِنَ "الرُّؤْيَةِ" وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ غَيْرَ وَرْشٍ: "وَرَيًّا" مُشَدَّدًا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَلَهُ تَفْسِيرَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ الْأَوَّلُ بِطَرْحِ الْهَمْزِ وَالثَّانِي: مِنَ الرَّيِّ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعَطَشِ وَمَعْنَاهُ: الِارْتِوَاءُ مِنَ النِّعْمَةِ فَإِنَّ الْمُتَنَعِّمَ يَظْهَرُ فِيهِ ارْتِوَاءُ النِّعْمَةِ وَالْفَقِيرُ يَظْهَرُ عَلَيْهِ ذُيُولُ الْفَقْرِ.

(١) أخرجه ابن ماجه في الزهد باب ذكر البعث: ٢ / ١٤٣١ والإمام أحمد في المسند: ٦ / ٢٨٥ وهناد في الزهد: ١ / ٣٢٨ وابن جرير في التفسير: ١٦ / ١١٢ وابن أبي عاصم في السنة: ٢ / ٤١٤ وأخرجه من طريق أخرى الإمام مسلم في فضائل الصحابة بنحوه برقم (٢٤٩٦) : ٤ / ١٩٤٢ والإمام أحمد في المسند: ٦ / ٤٢٠ وأخرجها المصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩٣.
(٢) في "أ" نفرا من.
(٣) ساقط من "أ".


الصفحة التالية
Icon