وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُبْعَدُونَ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَتْرُوكُونَ.
قَالَ قَتَادَةُ: مُعَجَّلُونَ إِلَى النَّارِ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: مُقَدَّمُونَ إِلَى النَّارِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ" (١) أَيْ: مُتَقَدِّمُكُمْ.
﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) ﴾
(١) قطعة من حديث أخرجه البخاري في الرقاق، باب الحوض وقول الله: "إنا أعطيناك الكوثر": ١١ / ٤٦٣، ومسلم في الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم (٢٤٩) : ١ / ٢١٨.
﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦) ﴾
﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، ﴿فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمُ﴾ الْخَبِيثَةَ، ﴿فَهُوَ وَلِيُّهُمُ﴾ نَاصِرُهُمْ، ﴿الْيَوْمَ﴾ وَقَرِينُهُمْ، سَمَّاهُ وَلِيًّا لَهُمْ، لِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فِي الْآخِرَةِ. ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ مِنَ الدِّينِ وَالْأَحْكَامِ، ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أَيْ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا بَيَانًا وَهُدًى وَرَحْمَةً، فَالْهُدَى وَالرَّحْمَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ "لِتُبَيِّنَ". ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ: ﴿فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ﴾ بِالنَّبَاتِ، ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يُبُوسَتِهَا، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ سَمْعَ الْقُلُوبِ لَا سَمْعَ الْآذَانِ. ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً﴾ لَعِظَةً، ﴿نَسْقِيكُمْ﴾ بِفَتْحِ النُّونِ هَاهُنَا وَفِي الْمُؤْمِنِينَ، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ وَالْبَاقُونَ بِضَمِّهَا وَهُمَا لُغَتَانِ. ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ قَالَ الْفَرَّاءُ: رَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى النَّعَمِ، وَالنَّعَمُ وَالْأَنْعَامُ وَاحِدٌ.
وَلَفْظُ النَّعَمِ مُذَكَّرٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْأَخْفَشُ: النَّعَمُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَمَنْ أَنَّثَ فَلِمَعْنَى الْجَمْعِ،