عِنْدَ الْمَوْتِ وَالدَّفْنِ، ﴿وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ يَوْمَ الْبَعْثِ.
﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (٥٨) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ﴾ يَعْنِي فِرْعَوْنَ، ﴿آيَاتِنَا كُلَّهَا﴾ يَعْنِي: الْآيَاتِ التِّسْعَ الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ مُوسَى، ﴿فَكَذَّبَ﴾ بِهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا سِحْرٌ، ﴿وَأَبَى﴾ أَنْ يُسْلِمَ. ﴿قَالَ﴾ يَعْنِي فِرْعَوْنَ ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا﴾ يَعْنِي: مصر، ﴿بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى﴾ أَيْ: تُرِيدُ أَنْ تَغْلِبَ عَلَى دِيَارِنَا فَيَكُونَ لَكَ الْمُلْكُ وَتُخْرِجَنَا مِنْهَا. ﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا﴾ أَيْ: فَاضْرِبْ بَيْنَنَا أَجَلًا وَمِيقَاتًا، ﴿لَا نُخْلِفُهُ﴾ [قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ "لَا نُخْلِفْهُ" بِجَزْمٍ، لَا نُجَاوِزُهُ] (١) ﴿نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ: "سُوًى " بِضَمِّ السِّينِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ: عِدًى وَعُدًى وَطِوًى وَطُوًى.
قَالَ مُقَاتِلٌ وَقَتَادَةُ: مَكَانًا عَدْلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نِصْفًا، وَمَعْنَاهُ: تَسْتَوِي مَسَافَةُ الْفَرِيقَيْنِ إِلَيْهِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْصِفًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي سِوَى هَذَا الْمَكَانِ. ﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ: كَانَ يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ، يَتَزَيَّنُونَ فِيهِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَوْمُ عَاشُورَاءَ (٢).
﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ أَيْ: وَقْتَ الضَّحْوَةِ نَهَارًا جِهَارًا، لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنَ الرَّيْبَةِ.

(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) انظر هذه الأقوال في: الطبري: ١٦ / ١٧٧، الدر المنثور: ٥ / ٥٨٤ - ٥٨٥.


الصفحة التالية
Icon