أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأُسُودِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ فَقَالَتْ: مَا أَرَانِي إِلَّا حَابِسَتُكُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَقْرَى حَلْقَى أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْفِرِي" (١) فَثَبْتَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ يَوْمَ النَّحْرِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ.
وَالطَّوَافُ الثَّالِثُ: هُوَ طَوَافُ الْوَدَاعِ لَا رُخْصَةَ فِيهِ لِمَنْ أَرَادَ مُفَارَقَةَ مَكَّةَ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَنْ يُفَارِقَهَا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، فَمَنْ تَرَكَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ إِلَّا الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ يَجُوزُ لَهَا تَرْكُ طَوَافِ الْوَدَاعِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ أحمد الخلال، ٢٦/ب أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ الْحَائِضِ (٢).
وَالرَّمَلُ مُخْتَصٌّ بِطَوَافِ الْقُدُومِ، وَلَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ.
قَوْلُهُ: ﴿بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى "الْعَتِيقِ": قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ أَنْ يَصِلُوا إِلَى تَخْرِيبِهِ، فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ قَطُّ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: سُمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ: سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ وَهُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، يُقَالُ: دِينَارٌ عَتِيقٌ أيْ قَدِيمٌ، وَقِيلَ: سَمِّيَ عَتِيقًا لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنَ الْغَرَقِ، فَإِنَّهُ رُفِعَ أَيَّامَ الطُّوفَانِ (٣).
﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) ﴾
﴿ذَلِكَ﴾ أَيِ: الْأَمْرُ ذَلِكَ، يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ أَيْ
(٢) أخرجه البخاري في الحج، باب: طواف الوداع ٣ / ٥٨٥، ومسلم في الحج، باب: وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (١٣٢٨)، والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٢٣٢. والشافعي في المسند: ١ / ٣٦٤.
(٣) ذكر هذه الأقوال الطبري: ١٧ / ١٥١ - ١٥٢ ثم قال: ولكل هذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه في قوله: (البيت العتيق) وجه صحيح، غير أن الذي قاله ابن زيد أغلب معانيه عليه في الظاهر، غير أن الذي روي عن ابن الزبير أولى بالصحة، إن كان ما حدثني به محمد بن سهل البخاري - قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: أخبرني الليث، عن عبد الرحمن ابن خالد بن مسافر، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عبد الله بن الزبير، قال: قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما سمي البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه قط - صحيحا".