﴿فَلَهُ أَسْلِمُوا﴾ انْقَادُوا وَأَطِيعُوا، ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: الْمُتَوَاضِعِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، "وَالْخَبْتُ" الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأَرْضِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْخَاشِعِينَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: الْمُخْلِصِينَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمُ الرَّقِيقَةُ قُلُوبُهُمْ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ وَإِذَا ظُلِمُوا لَمْ يَنْتَصِرُوا.
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) ﴾
﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ﴾ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمَصَائِبِ ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ أَيِ: الْمُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ يَتَصَدَّقُونَ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالْبُدْنَ﴾ جَمْعُ بَدَنَةٍ سُمِّيَتْ بَدَنَةً لِعِظَمِهَا وَضَخَامَتِهَا، يُرِيدُ: الْإِبِلَ الْعِظَامَ الصِّحَاحَ الْأَجْسَامِ، يُقَالُ بَدَنَ الرَّجُلُ بُدْنًا وَبَدَانَةً إِذَا ضَخُمَ، فَأَمَّا إِذَا أَسَنَّ وَاسْتَرْخَى يُقَالُ بَدَنَ تَبْدِينًا. قَالَ عَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: الْبُدْنُ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ أَمَّا الْغَنَمُ فَلَا تُسَمَّى بَدَنَةً. ﴿جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ مِنْ أَعْلَامِ دِينِهِ، سُمِّيَتْ شَعَائِرَ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ، وَهُوَ أَنْ تُطْعَنَ بِحَدِيدَةٍ فِي سَنَامِهَا فَيُعْلَمَ أَنَّهَا هَدْيٌ، ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ النَّفْعُ فِي الدُّنْيَا وَالْأَجْرُ فِي الْعُقْبَى، ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾ عِنْدَ نَحْرِهَا، ﴿صَوَافَّ﴾ أَيْ: قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ قَدْ صَفَّتْ رِجْلَيْهَا وَإِحْدَى يَدَيْهَا، وَيَدُهَا الْيُسْرَى مَعْقُولَةٌ فَيَنْحَرُهَا كَذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَةً يَنْحَرُهَا، قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١).
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّوَّافُ إِذَا عُقِلَتْ رِجْلُهَا الْيُسْرَى وَقَامَتْ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ.
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "صَوَافِنَ" وَهِيَ أَنْ تُعْقَلَ مِنْهَا يَدٌ وَتُنْحَرَ عَلَى ثَلَاثٍ، وَهُوَ مِثْلُ صَوَافٍّ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: "صَوَافِي" بِالْيَاءِ أَيْ: صَافِيَةً خَالِصَةً لِلَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا.
﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ أَيْ: سَقَطَتْ بَعْدَ النَّحْرِ فَوَقَعَتْ جُنُوبُهَا عَلَى الْأَرْضِ. وَأَصِلُ الْوُجُوبِ: