أُمَّهَاتُهُمْ} (الْأَحْزَابِ: ٦)، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ [لِوَالِدِهِ] (١) " (٢).
﴿هُوَ سَمَّاكُمُ﴾ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاكُمُ ﴿الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ يَعْنِي مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ. ﴿وَفِي هَذَا﴾ أَيْ: فِي الْكِتَابِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: "هُوَ" يَرْجِعُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَيْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيَّامِهِ، مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ (البَقَرَةِ: ١٢٧)، ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ﴾ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ قَدْ بَلَّغَكُمْ، ﴿وَتَكُونُوا﴾ أَنْتُمْ، ﴿شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ، ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾ أَيْ: ثِقُوا بِاللَّهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ. قَالَ الْحَسَنُ: تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ يَعْصِمَكُمْ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ (٣). وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ادْعُوهُ لِيُثَبِّتَكُمْ عَلَى دِينِهِ. وَقِيلَ: الِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، ﴿هُوَ مَوْلَاكُمْ﴾ [وَلِيُّكُمْ] (٤) وَنَاصِرُكُمْ وَحَافِظُكُمْ، ﴿فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ النَّاصِرُ لَكُمْ.
(٢) قطعة من حديث أخرجه أبو داود في الطهارة، باب: كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة: ١ / ١٨ بلفظ: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد)، والنسائي في الطهارة، باب: النهي عن الاستطابة بالروث: ١ / ٣٨، وابن ماجه في الطهارة، باب: الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروثة والرمة: ١ / ١١٤ برقم (٣١٣)، والدارمي ١١ / ١٧٢ - ١٧٣، وصححه ابن حبان برقم (١٢٨) ص (٦٢)، وابن خزيمة: ١ / ٤٤ والشافعي: ١ / ٢٨، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٣٥٦ وقال هذا حديث صحيح.
(٣) انظر زاد المسير ٥ / ٤٥٧.
(٤) ساقط من "ب".