أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُرُوبَةَ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ"، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: "لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ" (١).
وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ أَنْ لَا تَعْبَثَ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِكَ فِي الصَّلَاةِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: "لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ" (٢).
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِرَاحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ" (٣).
وَقِيلَ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ جَمْعُ الْهِمَّةِ، وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا سِوَاهَا، وَالتَّدَبُّرُ فِيمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنِ الشِّرْكِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: عَنِ الْمَعَاصِي. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَنْ كُلِّ بَاطِلٍ وَلَهْوٍ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَقِيلَ: هُوَ مُعَارَضَةُ الْكَفَّارِ بِالشَّتْمِ وَالسَّبِّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" (الفُرْقَانِ -٧٢)، أَيْ: إِذَا سَمِعُوا الْكَلَامَ الْقَبِيحَ أَكْرَمُوا أَنْفُسَهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ أَيْ: لِلزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ مُؤَدُّونَ، فَعَبَّرَ عَنِ التَّأْدِيَةِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهَا فِعْلٌ. وَقِيلَ: الزَّكَاةُ هَاهُنَا هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، أَيْ: وَالَّذِينَ هُمْ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ فَاعِلُونَ.

(١) أخرجه البخاري في السهو، باب: رفع البصر إلى السماء في الصلاة: ٢ / ٢٣٣، والمصنف في شرح السنة: ٣ / ٢٥٨.
(٢) قال المناوي في "الفتح السماوي" (٢ / ٨٥٤) : أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول بسند ضعيف من حديث أبي هريرة، وفيه سليمان بن عمرو وهو أبو داود النخعي أحد من اتهم بوضع الحديث. وانظر: إرواء الغليل: ٢ / ٩٢ - ٩٣، سلسلة الأحاديث الضعيفة: ١ / ١٤٣ - ١٤٤.
(٣) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: مسح الحصى في الصلاة: ١ / ٤٤٣، والترمذي في الصلاة، باب: ما جاء في كراهية مسح الحصى في الصلاة: ٢ / ٣٨٢، والنسائي في السهو، باب: النهي عن مسح الحصى في الصلاة: ٣ / ٦، وابن ماجه في الإقامة، باب: مسح الحصى برقم: (١٠٢٧) ١ / ٣٢٨، وابن حبان في المواقيت، باب: فيما ينهى عنه في الصلاة ص ١٣١ من موارد الظمآن، والإمام أحمد: ٥ / ١٥٠، والمصنف في شرح السنة: ٣ / ١٥٨.


الصفحة التالية
Icon