وَاحْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ نِكَاحَ الزَّانِيَةِ بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ فَرَجٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبِيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَدْفَعُ يَدَ لَامِسٍ؟ قَالَ: طَلِّقْهَا، قَالَ: فَإِنِّي أُحِبُّهَا وَهِيَ جَمِيلَةٌ، قَالَ: اسْتَمْتِعْ بِهَا. وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ "فَأَمْسِكْهَا إِذًا" (١).
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ رجلا وامرأة ٣٤/ب فِي زِنًى وَحَرِصَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الْغُلَامُ (٢).
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَفَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ أَرَادَ بِالرَّمْيِ الْقَذْفَ بِالزِّنَا، وَكُلُّ مَنْ رَمَى مُحْصَنًا أَوْ مُحْصَنَةً بِالزِّنَا، فَقَالَ لَهُ: زَنَيْتَ أَوْ يَا زَانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، إِنْ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَيْرَ مُحْصَنٍ، فَعَلَى الْقَاذِفِ التَّعْزِيرُ.
وَشَرَائِطُ الْإِحْصَانِ خَمْسَةٌ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعِفَّةُ مِنَ الزِّنَى، حَتَّى أَنَّ مَنْ زَنَى مَرَّةً فِي أَوَّلِ بُلُوغِهِ ثُمَّ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ وَامْتَدَّ عُمْرُهُ فَقَذَفَهُ قَاذِفٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَقَرَّ الْمَقْذُوفُ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا أَوْ أَقَامَ الْقَاذِفُ أَرْبَعَةً مِنَ الشُّهُودِ عَلَى زِنَاهُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ، لِأَنَّ الْحَدَّ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ وَقَدْ ثَبَتَ صِدْقُهُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ أَيْ: يَقْذِفُونَ بِالزِّنَا الْمُحْصَنَاتِ، يَعْنِي الْمُسْلِمَاتِ الْحَرَائِرَ الْعَفَائِفَ ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ يَشْهَدُونَ عَلَى زِنَاهُنَّ ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ أَيْ: اضْرِبُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً. ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًاوَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ٧ / ٢٠٣-٢٠٤، وسعيد بن منصور في السنن: ١ / ٢٢٤، والبيهقي: ٧ / ١٥٥.