﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧) ﴾
﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ﴾ أَلَّا يَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ عُقُوبَةَ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ. ﴿قَالَ﴾ يَعْنِي مُوسَى، ﴿رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّايَ، ﴿وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ قَالَ: هَذَا لِلْعُقْدَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى لِسَانِهِ، قَرَأَ يَعْقُوبُ "وَيَضِيقَ"، "وَلَا يَنْطَلِقَ" بِنَصْبِ الْقَافَيْنِ عَلَى مَعْنَى وَأَنْ يَضِيقَ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِرَفْعِهِمَا رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: "إِنِّي أَخَافُ"، ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ لِيُؤَازِرَنِي وَيُظَاهِرَنِي عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ.
﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ﴾ أَيْ: دَعْوَى ذَنْبٍ، وَهُوَ قَتْلُهُ الْقِبْطِيَّ، ﴿فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ أَيْ: يَقْتُلُونَنِي بِهِ. ﴿قَالَ﴾ اللَّهُ تَعَالَى، ﴿كَلًّا﴾ أَيْ: لَنْ يَقْتُلُوكَ، ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ سَامِعُونَ مَا يَقُولُونَ، ذَكَرَ "مَعَكُمْ" بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَهُمَا اثْنَانِ، أَجْرَاهُمَا مَجْرَى الْجَمَاعَةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ مَعَكُمَا وَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَسْمَعُ مَا يُجِيبُكُمْ فِرْعَوْنُ. ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وَلَمْ يَقُلْ: رَسُولَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، لِأَنَّهُ أَرَادَ الرِّسَالَةَ، أَيْ: أَنَا ذُو رِسَالَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَمَا قَالَ كُثَيِّرٌ:
لَقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ مَا بُحْثُ عِنْدَهُمْ | بِسِرٍّ وَلَا أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ (١) |
(٢) انظر: البحر المحيط: ٧ / ٨.