وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَسْتَنْشِدُهُ؛ فَرُوِيَ أَنَّهُ دَعَا عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ فَاسْتَنْشَدَهُ الْقَصِيدَةَ الَّتِي قَالَهَا فَقَالَ:

أَمِنَ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبْكِرُ غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رَائِحٌ فَمُهَجِّرُ
فَأَنْشَدَهُ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ سَبْعِينَ بَيْتًا، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَعَادَ الْقَصِيدَةَ جَمِيعَهَا، وَكَانَ حَفِظَهَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. ﴿وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ أَيْ: لَمْ يَشْغَلْهُمُ الشِّعْرُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، ﴿وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: انْتَصَرُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُمْ بَدَءُوا بِالْهِجَاءِ. ثُمَّ أَوْعَدَ شُعَرَاءَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أَشْرَكُوا وَهَجَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) ﴿أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ أَيَّ مَرْجِعٍ يُرْجَعُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِلَى جَهَنَّمَ وَالسَّعِيرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ (٢).
(١) وقيل المراد بهم أهل مكة، وقيل: الذين ظلموا من المشركين، والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم. انظر: تفسير ابن كثير: ٣ / ٣٥٦.
(٢) قطعة من حديث تقدم تخريجه، أخرجه البخاري في النكاح: ٩ / ١٠٤، ومسلم في النكاح أيضا: ٢ / ١٠٢٠.


الصفحة التالية
Icon