فأتى عويمر ٣٥/ب عَاصِمًا وَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ شَرِيكَ بْنَ السَّمْحَاءِ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي خَوْلَةَ، فَاسْتَرْجَعَ عَاصِمٌ، وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ مَا ابْتُلِيتُ بِالسُّؤَالِ الَّذِي سَأَلْتُ فِي الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَأَخْبَرَهُ وَكَانَ عُوَيْمِرٌ وَخَوْلَةُ وَشَرِيكٌ كُلُّهُمْ بَنِي عَمِّ عَاصِمٍ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ جَمِيعًا، وَقَالَ لِعُوَيْمِرٍ:"اتَّقِ اللَّهَ فِي زَوْجَتِكَ وَابْنَةِ عَمِّكَ وَلَا تَقْذِفْهَا بِالْبُهْتَانِ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ شَرِيكًا عَلَى بَطْنِهَا وَإِنِّي مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنَّهَا حُبْلَى مِنْ غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ: "اتَّقِي اللَّهَ وَلَا تُخْبِرِي إِلَّا بِمَا صَنَعْتِ" فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عُوَيْمِرًا رَجُلٌ غَيُورٌ، وَإِنَّهُ رَآنِي وَشَرِيكًا يُطِيلُ السَّمَرَ وَنَتَحَدَّثُ، فَحَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى مَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَرِيكٍ: "مَا تَقُولُ"؟ فَقَالَ: مَا تَقُولُهُ الْمَرْأَةُ كَذِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ الْآيَةَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نُودِيَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ قَالَ لِعُوَيْمِرٍ: قُمْ، فَقَامَ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ بِأَنَّ خَوْلَةَ لَزَانِيَةٌ وَإِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ شَرِيكًا عَلَى بَطْنِهَا، وَإِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهَا حُبْلَى مِنْ غَيْرِي وَإِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى عُوَيْمِرٍ -يَعْنِي نَفْسَهُ-إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا قَالَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْقُعُودِ، وَقَالَ لِخَوْلَةَ: قُومِي فَقَامَتْ، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا أَنَا بِزَانِيَةٍ وَإِنَّ عُوَيْمِرًا لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَالَتْ فِي الثَّانِيَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّهُ مَا رَأَى شَرِيكًا عَلَى بَطْنِي وَإِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَالَتْ فِي الثَّالِثَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي حُبْلَى مِنْهُ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَالَتْ فِي الرَّابِعَةِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ مَا رَآنِي قَطُّ عَلَى فَاحِشَةٍ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَالَتْ فِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى خَوْلَةَ -تَعْنِي نَفْسَهَا-إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ لَوْلَا هَذِهِ الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي فِي أَمْرِهِمَا رَأْيٌ، ثُمَّ قَالَ: "تَحَيَّنُوا بِهَا الْوِلَادَةَ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ [أُصَيْهِبَ] (١) [أُثَيْبِجَ] (٢) يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ فَهُوَ لِشَرِيكٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ (٣) جَعْدًا جَمَالِيًّا (٤) خَدَلَّجَ السَّاقِينَ (٥) فَهُوَ لِغَيْرِ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَاءَتْ بِأَشْبَهِ خَلْقِ اللَّهِ بِشَرِيكٍ (٦).
وَالْكَلَامُ فِي حُكْمِ الْآيَةِ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَمُوجِبُهُ مُوجِبُ قَذْفَ الْأَجْنَبِيِّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً، أَوِ التَّعْزِيرُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً، غَيْرَ أَنَّ الْمَخْرَجَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ؛ فَإِذَا قَذَفَ
(٢) الأثيبج: تصغير الأثبج، وهو الناتئ الثبج، والثبج: ما بين الكاهل ووسط الظهر وفي "أ" جاءت العبارة: "أسلح أسحب".
(٣) أورق: يميل لونه للون الرماد.
(٤) جماليا: الجمالي: العظيم الخلق، شبه خلقه بخلق الجمل.
(٥) الخدلج: العظيم الساقين.
(٦) أخرجه الطبري مختصرًا: ١٨ / ٨٤.