﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) ﴾
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مِنْ نَسْلِهِ، ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ وَهُوَ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ فَكُلُّ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يَتَوَلَّوْنَهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ، وَقِيلَ: هُوَ أَنَّهُ رَأَى مَكَانَهُ فِي الْجَنَّةِ، ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ أَيْ: فِي زُمْرَةِ الصَّالِحِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثْلَ آدَمَ وَنُوحٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ﴾ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ: "أَئِنَّكُمْ" بِالِاسْتِفْهَامِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِلَا اسْتِفْهَامٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى اسْتِفْهَامِ الثَّانِيَةِ، ﴿لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ وَهِيَ إِتْيَانُ الرِّجَالِ، ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ الْفَاحِشَةَ بِمَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسَافِرِينَ، فَتَرَكَ النَّاسُ الْمَمَرَّ بِهِمْ. وَقِيلَ: تَقْطَعُونَ سَبِيلَ النَّسْلِ بِإِيثَارِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ النَّادِي، وَالنَّدَى، وَالْمُنْتَدَى: مَجْلِسُ الْقَوْمِ وَمُتَحَدَّثُهُمْ. أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي لِأُمِّي أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَّ بِشْرَ بْنَ مُعَاذٍ حَدَّثَهُمْ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أَمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ [عَنْ أُمِّ هَانِئٍ] (١) قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ قُلْتُ: مَا الْمُنْكَرُ الَّذِي كَانُوا يَأْتُونَهُ؟ قَالَ: "كَانُوا يَحْذِفُونَ أَهْلَ الطُّرُقِ وَيَسْخَرُونَ بِهِمْ" (٢).
(٢) أخرجه الترمذي في تفسير سورة العنكبوت: ٩ / ٤٩-٥٠ وقال: "هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك" وصححه الحاكم على شرط الشيخين: ٢ / ٤٠٩، ووافقه الذهبي، وأخرجه الإمام أحمد: ٦ / ٣٤١ والطبري: ٢٠ / ١٤٥.
قال السيوطي في الدر (٦ / ٤٦٠) :"أخرجه الفريابي، وأحمد، وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، وابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت"، وابن جرير، وابن المنذر، وابن ابي حاتم، والشاشي في مسنده، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في "الشعب"، وابن عساكر".