﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (٢٠) ﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١) وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَّا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) ﴾
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ جَوَابُ "لَوْلَا" مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مِسْطَحًا، وَحَسَّانَ، وَحَمْنَةَ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ أَيْ: بِالْقَبَائِحِ مِنَ الْأَفْعَالِ، ﴿وَالْمُنْكَرِ﴾ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: مَا صَلَحَ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَا طَهُرَ، ﴿مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ وَالْآيَةُ عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ، قَالُوا: أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْلَا فَضْلُهُ وَرَحْمَتُهُ بِالْعِصْمَةِ مَا صَلَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا الْخِطَابُ لِلَّذِينِ خَاضُوا فِي الْإِفْكِ، وَمَعْنَاهُ: مَا طَهُرَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ وَلَا صَلُحَ أَمْرُهُ بَعْدَ الَّذِي فَعَلَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ، قَالَ: مَا قَبِلُ تَوْبَةَ أَحَدٍ مِنْكُمْ، ﴿أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي﴾ يُطَهِّرُ، ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ مِنَ الذَّنْبِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ أَيْ: وَلَا يَحْلِفْ، وَهُوَ يَفْتَعِلُ مِنَ الْأَلْيَةِ وَهِيَ الْقَسَمُ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: "يَتَأَلَّ" بِتَقْدِيمِ التَّاءِ وَتَأْخِيرِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ يَتَفَعَّلُ مِنَ الْأَلْيَةِ. ﴿أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي مِسْطَحًا، وَكَانَ مِسْكِينًا مُهَاجِرًا بَدْرِيًّا ابْنَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ، حَلِفَ (١) أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ، ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ عَنْهُمْ خَوْضَهُمْ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ، ﴿أَلَا تُحِبُّونَ﴾ يُخَاطِبُ أَبَا بَكْرٍ، ﴿أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فَلَمَّا قَرَأَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: بَلَى أَنَا أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، وَرَجَّعَ