﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣) ﴾
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ أَيْ: سِوَى الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَالْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ: "الْعَذَابِ الْأَدْنَى" مَصَائِبِ الدُّنْيَا وَأَسْقَامِهَا، وَهُوَ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (١). وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْهُ: الْحُدُودُ (٢). وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْجُوعُ سَبْعَ سِنِينَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْعِظَامَ وَالْكِلَابَ (٣). وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ يَوْمَ بَدْرٍ (٤) وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ، ﴿دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ يَعْنِي: عَذَابَ الْآخِرَةِ، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ إِلَى الْإِيمَانِ، يَعْنِي: مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بَعْدَ بَدْرٍ وَبَعْدَ الْقَحْطِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، ﴿مُنْتَقِمُونَ﴾ ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ﴾ يَعْنِي: فَلَا تَكُنْ فِي شَكٍّ مِنْ لِقَاءِ مُوسَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ-عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ والبياض، سبط ٧٥/أ

(١) أخرجه الطبري: ٢١ / ١٠٩، والسيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٥٥٤.
(٢) أخرجه الطبري: ٢١ / ١٠٩، والسيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٥٥٤.
(٣) ذكره القرطبي: ١٤ / ١٠٧.
(٤) أخرجه الطبري: ٢١ / ١٠٩، والسيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٥٥٤ والحاكم: ٢ / ٤١٤. قال الإمام الطبري بعد أن ساق هذه الأقوال: (أولى في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى أن يذيقموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدة من مجاعة، أوقتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.


الصفحة التالية
Icon