أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَدِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ السَّاعِدِيُّ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ -يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ-عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ" (١).
قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ فَبَدَأَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُمْ.
﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ عَهْدًا شَدِيدًا عَلَى الْوَفَاءِ بِمَا حُمِّلُوا.
﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) ﴾
﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ يَقُولُ: أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ [لِكَيْ نَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ، يَعْنِي النَّبِيِّينَ عَنْ تَبْلِيغِهِمِ] (٢) الرِّسَالَةَ. وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِهِمْ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ، تَبْكِيتُ (٣) مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ.
وَقِيلَ: لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ عَمَلِهِمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقِيلَ: لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ بِأَفْوَاهِهِمْ عَنْ صِدْقِهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ. ﴿وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ وَذَلِكَ حِينَ حُوصِرَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ، ﴿إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ يَعْنِي الْأَحْزَابَ، وَهُمْ قُرَيْشٌ، وَغَطَفَانُ، وَيَهُودُ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرِ، ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا﴾ وَهِيَ الصَّبَا، قَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَتِ الْجَنُوبُ لِلشَّمَالِ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ انْطَلِقِي نَنْصُرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتِ الشَّمَالُ إِنَّ الْحَرَّةَ لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ، وَكَانَتِ الرِّيحُ الَّتِي أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الصَّبَا (٤)

(١) أخرجه الطبري: ٢١ / ١٢٥، وعزاه ابن كثير في التفسير: ٣ / ٤٧٠ لابن أبي حاتم، وقال: (سعيد بن بشير فيه ضعف، وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا، وهو أشبه، ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا. والله أعلم).
(٢) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٣) في "ب" بتكذيب.
(٤) انظر: القرطبي: ١٤ / ١٤٣-١٤٤.


الصفحة التالية
Icon