قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ يَعْنِي: لَيْسَ لَكَ أَنْ تُطَلِّقَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِكَ وَتَنْكِحَ بَدَلَهَا أُخْرَى وَلَوْ أَعْجَبَكَ جَمَالُهَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةَ امْرَأَةَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ جَعْفَرُ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْطِبَهَا فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ (١).
﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَلَكَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مَارِيَةَ.
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ حَافِظًا.
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَنْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا مِنَ النِّسَاءِ. رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ" (٢).
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَرِيكٍ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ الْجُورَبَذِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ " قُلْتُ: لَا قَالَ: "فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا" (٣).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، أَخْبَرَنَا حَامِدُ ابن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا" (٤) قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: يَعْنِي الصِّغَرَ.

(١) انظر: البحر المحيط: ٧ / ٢٤٤.
(٢) أخرجه أبو داود في النكاح، باب: الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزوجها: ٣ / ٢٥-٢٦، والطحاوي في شرح معاني الآثار: ٢ / ٨، والبيهقي: ٧ / ٨٤، والحاكم: ٢ / ١٦٥ وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، والإمام أحمد: ٣ / ٣٣٤، والمصنف في شرح السنة: ٩ / ١٧، وانظر: نصب الراية: ٢٤١، التلخيص الحبير: ٣ / ١٤٧، إرواء الغليل: ٦ / ٢٠٠.
(٣) أخرجه الترمذي في النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة ٤ / ٢٠٦ وقال: "هذا حديث حسن"، والنسائي في النكاح، باب: إباحة النظر قبل التزويج: ٦ / ٦٩-٧٠، وابن ماجه في النكاح: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها: ١ / ٦٠٠ وصححه ابن حبان في موارد الظمآن برقم: (١٢٣٦) ص ٣٠٣، والحاكم: ٢ / ١٦٥ على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وابن أبي شيبة في المصنف: ٤ / ٣٥٥، والدارمي في النكاح: باب النظر للمرأة عند الخطبة: ٢ / ٥٩، والبيهقي في السنن ٧ / ٨٤-٨٥، والإمام أحمد: ٤ / ٢٤٦ والمصنف في شرح السنة: ٩ / ١٧، وانظر: تلخيص الحبير: ٣ / ١٤٦-٢٥٢، سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (٩٦) : ١ / ١٥٠-١٥٢.
(٤) أخرجه مسلم في النكاح، باب: النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها برقم: (١٤٢٤) ٢ / ١٠٤٠.


الصفحة التالية
Icon