﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ﴾ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ، ﴿فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُنَّ، ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ قَالَ أَنَسٌ: مَرَّتْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ جَارِيَةٌ مُتَقَنِّعَةٌ فَعَلَاهَا بِالدُّرَّةِ، وَقَالَ يَالَكَاعُ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ، أَلْقِي الْقِنَاعَ (١).
﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢) ﴾

(١) انظر: الدر المنثور: ٦ / ٦٦٠.

﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (٦٣) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (٦٦) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ﴾ عَنْ نِفَاقِهِمْ، ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ فُجُورٌ، يَعْنِي الزُّنَاةَ، ﴿وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ بِالْكَذِبِ، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا مِنْهُمْ كَانُوا إِذَا خَرَجَتْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقِعُونَ فِي النَّاسِ أَنَّهُمْ قُتِلُوا وَهُزِمُوا، وَيَقُولُونَ: قَدْ أَتَاكُمُ الْعَدُوُّ وَنَحْوَهَا (١).
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَيُفْشُونَ الْأَخْبَارَ.
﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ لَنُحَرِّشَنَّكَ بِهِمْ وَلَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ، ﴿ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا﴾ لَا يُسَاكِنُوكَ فِي الْمَدِينَةِ ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ حَتَّى يُخْرَجُوا منها، وقيل: لنسلنطك عَلَيْهِمْ حَتَّى تَقْتُلَهُمْ وَتُخْلِي مِنْهُمُ الْمَدِينَةَ. ﴿مَلْعُونِينَ﴾ مَطْرُودِينَ، نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، ﴿أَيْنَ مَا ثُقِفُوا﴾ وُجِدُوا وَأُدْرِكُوا، ﴿أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ أَيِ: الْحُكْمُ فِيهِمْ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْأَمْرِ بِهِ. ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ أَيْ: كَسُنَّةِ اللَّهِ، ﴿فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فَعَلُوا مِثْلَ فِعْلِ هَؤُلَاءِ، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ، عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ﴾ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يُعْلِمُكَ أَمْرَ السَّاعَةِ، وَمَتَى يَكُونُ قِيَامُهَا؟ أَيْ: أَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ، ﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ، قَرِيبًا﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾
(١) انظر الدر المنثور: ٦ / ٦٦٢، الطبري: ٢٢ / ٤٨.


الصفحة التالية
Icon