وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ (١).
وَعَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ.
وَالْقَانِتُ: الْمُقِيمُ عَلَى الطَّاعَةِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "الْقُنُوتُ": قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَطُولُ الْقِيَامِ، و"آناء اللَّيْلِ": سَاعَاتُهُ، ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ يَعْنِي: فِي الصَّلَاةِ، ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ﴾ يَخَافُ الْآخِرَةَ، ﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ يَعْنِي: كَمَنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قِيلَ: "الَّذِينَ يعلمون" عمار، و"الذين لَا يَعْلَمُونَ": أَبُو حُذَيْفَةَ الْمَخْزُومِيُّ، ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ﴾.
﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠) ﴾
﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا﴾ أَيْ: آمَنُوا وَأَحْسَنُوا الْعَمَلَ، ﴿حَسَنَةٌ﴾ يَعْنِي: الْجَنَّةَ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ يَعْنِي: الصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ، ﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي ارْتَحِلُوا مِنْ مَكَّةَ. وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الْمَعَاصِي.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي مُهَاجِرِي الْحَبَشَةِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ أُمِرَ بِالْمَعَاصِي فَلْيَهْرَبْ. ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ الَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى دِينِهِمْ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ لِلْأَذَى.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ، حَيْثُ لَمْ يَتْرُكُوا دِينَهُمْ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ وَصَبَرُوا وَهَاجَرُوا (٢).
قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُلُّ مُطِيعٍ يُكَالُ لَهُ كَيْلًا وَيُوزَنُ لَهُ وَزْنًا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَإِنَّهُ يُحْثَى لَهُمْ حَثْيًا (٣).
وَيُرْوَى: "يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلَاءِ فَلَا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ وَلَا يُنْشَرُ لَهُمْ دِيوَانٌ، وَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ الْأَجْرُ صَبًّا بِغَيْرِ حِسَابٍ" (٤). قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) حَتَّى يَتَمَنَّى أَهْلُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا أَنَّ أَجْسَادَهُمْ تُقْرَضُ بِالْمَقَارِيضِ مِمَّا يَذْهَبُ بِهِ أَهْلُ الْبَلَاءِ مِنَ الْفَضْلِ.

(١) ذكره الواحدي في أسباب النزول ص ٤٢٦.
(٢) انظر: البحر المحيط: ٧ / ٤١٩.
(٣) انظر: القرطبي: ١٥ / ٢٤١.
(٤) قطعة من حديث عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٢١٥ لابن مردويه.


الصفحة التالية
Icon