أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَلْبَانِهَا ﴿وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ﴾ تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَاتِكُمْ، ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ أَيْ: عَلَى الْإِبِلِ فِي الْبَرِّ وَعَلَى السُّفُنِ فِي الْبَحْرِ. نَظِيرُهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ" (الْإِسْرَاءِ-٧٠).
﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (٨١) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (٨٥) ﴾
﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ دَلَائِلَ قُدْرَتِهِ، ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾.
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ﴾ يَعْنِي: مَصَانِعَهُمْ وَقُصُورَهُمْ، ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ﴾ لَمْ يَنْفَعْهُمْ، ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ، وَمَجَازُهُ: أَيُّ شَيْءٍ أَغْنَى عَنْهُمْ كَسْبُهُمْ؟
﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا﴾ رَضُوا ﴿بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ قَوْلُهُمْ نَحْنُ أَعْلَمُ، لَنْ نُبْعَثَ وَلَنْ نُعَذَّبَ، سَمَّى ذَلِكَ عِلْمًا عَلَى مَا يَدَّعُونَهُ وَيَزْعُمُونَهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَهْلٌ. ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ﴾ يَعْنِي: تَبَرَّأْنَا مِمَّا كُنَّا نَعْدِلُ بِاللَّهِ.
﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ عذابنا، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ قِيلَ: نَصْبُهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: كَسُنَّةِ اللَّهِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقِيلَ: عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيِ: احْذَرُوا سُنَّةَ اللَّهِ ﴿الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾ وَتِلْكَ السُّنَّةُ أَنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ آمَنُوا، وَلَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ. ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ بِذَهَابِ الدَّارَيْنِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَافِرُ خَاسِرٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ خُسْرَانُهُمْ إِذَا رَأَوُا الْعَذَابَ.