[قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ] :(١) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَّا أَنْتِ يَا سَمَاءُ فَأَطْلِعِي شَمْسَكِ وَقَمَرَكِ وَنُجُومَكِ، وَأَنْتِ يَا أَرْضُ فَشُقِّي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ وَنَبَاتَكِ، وَقَالَ لَهُمَا: افْعَلَا مَا آمُرُكُمَا طَوْعًا وَإِلَّا أَلْجَأْتُكُمَا إِلَى ذَلِكَ [حَتَّى تَفْعَلَاهُ كَرْهًا] (٢) فَأَجَابَتَا بِالطَّوْعِ، (٣) وَ ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [وَلَمْ يَقُلْ طَائِعَتَيْنِ] (٤)، لِأَنَّهُ ذَهَبَ به إلى السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، مَجَازُهُ: أَتَيْنَا بِمَا فِينَا طَائِعِينَ، فَلَمَّا وَصَفَهُمَا بِالْقَوْلِ أَجْرَاهُمَا فِي الْجَمْعِ مُجْرَى مَنْ يَعْقِلُ.

(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) زيادة من "ب".
(٣) انظر الدر المنثور: ٧ / ٣١٦-٣١٧، القرطبي: ١٥ / ٣٤٣-٣٤٤.
(٤) زيادة من "ب".

﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (١٤) ﴾
﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أَيْ: أَتَمَّهُنُ وَفَرَغَ مِنْ خَلْقِهِنَّ، ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: خَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرَدِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي خَلَقَ فِيهَا شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا وَنُجُومَهَا.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَأَوْحَى إِلَى كُلِّ سَمَاءٍ مَا أَرَادَ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمْعَةِ.
﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ كَوَاكِبَ، ﴿وَحِفْظًا﴾ لَهَا وَنَصَبَ "حِفْظًا" عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: حَفِظْنَاهَا بِالْكَوَاكِبِ حِفْظًا مِنَ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَسْتَرِقُّونَ السَّمْعَ، ﴿ذَلِكَ﴾ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ صُنْعِهِ، ﴿تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ﴾ فِي مِلْكِهِ، ﴿الْعَلِيمِ﴾ بِحِفْظِهِ (١). قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا﴾ يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْإِيمَانِ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ، ﴿فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ﴾ خَوَّفْتُكُمْ، ﴿صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ أَيْ: هَلَاكًا مِثْلَ هَلَاكِهِمْ، وَالصَّاعِقَةُ الْمُهْلِكَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ﴾ يعني: عادا وثمودا، ﴿الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ الرُّسُلَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِهِمْ، ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ يَعْنِي: وَمِنْ بَعْدِ
(١) في "ب": بخلقه.


الصفحة التالية
Icon