فِي الْجَمْعِ أَنَّهُ كَائِنٌ ثُمَّ بَعْدَ الْجَمْعِ يَتَفَرَّقُونَ. ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْخَشْمَاذِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ كُرَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ فَنْجَوَيْهِ الدِّينَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي أَبُو قُبَيْلٍ الْمُعَافِرِيُّ عَنْ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ قَابِضًا عَلَى كَفَّيْهِ وَمَعَهُ كِتَابَانِ، فَقَالَ: "أَتُدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟ " قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى: هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ وَعِدَّتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرُّوا نُطَفًا فِي الْأَصْلَابِ، وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرُّوا نُطَفًا فِي الْأَرْحَامِ إِذْ هُمْ فِي الطِّينَةِ مُنْجَدِلُونَ فَلَيْسَ بِزَائِدٍ فِيهِمْ وَلَا نَاقِصٍ مِنْهُمْ، إِجْمَالٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، [ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي فِي يَسَارِهِ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ وَعِدَّتُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرُّوا نُطَفًا فِي الْأَصْلَابِ، وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرُّوا نُطَفًا فِي الْأَرْحَامِ إِذْ هُمْ فِي الطِّينَةِ مُنْجَدِلُونَ، فَلَيْسَ بِزَائِدٍ فِيهِمْ وَلَا بِنَاقِصٍ مِنْهُمْ، إِجْمَالٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] (١)، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: فَفِيمَ الْعَمَلُ إذًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "اعْمَلُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، ثُمَّ قَالَ: "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ" فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ، "وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ"، عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". (٢)
﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى" (الْأَنْعَامِ-٣٥)، ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، ﴿وَالظَّالِمُونَ﴾ الْكَافِرُونَ، ﴿مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ﴾ يَدْفَعُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ، ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ يَمْنَعُهُمْ مِنَ النَّارِ.
(٢) أخرجه الترمذي في القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن: ٦ / ٣٥٠-٣٥٢، والنسائي في التفسير: ٢ / ٢٦٥، وابن أبي عاصم في السنة: ١ / ١٥٤، والإمام أحمد: ٢ / ١٦٧، والطبري: ٢٥ / ٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٣٣٧ لابن المنذر وابن مردويه. وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: (٨٤٨).