أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشَّرِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْشَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ الْقُطَيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ"، ثُمَّ قَرَأَ: "مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ". (١)
﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) ﴾

(١) أخرجه الترمذي في التفسير (تفسير سورة الزخرف) : ٩ / ١٣٠-١٣١ وقال: "هذا حديث حسن صحيح، إنما نعرفه من حديث حجاج بن دينار، وحجاج ثقة مقارب الحديث، وأبو غالب اسمه حزور"، وابن ماجه في المقدمة، باب: اجتناب البدع والجدل برقم: (٤٨) : ١ / ١٩، والإمام أحمد: ٥ / ٢٥٢-٢٥٦، والحاكم: ٢ / ٤٤٨ وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ١ / ١١٤، وابن أبي عاصم في السنة: ١ / ٤٨، وحسن الألباني إسناده، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٣٨٥-٣٨٦ لعبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان.

﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) ﴾
ثُمَّ ذَكَرَ عِيسَى فَقَالَ: ﴿إِنْ هُوَ﴾ مَا هُوَ، يَعْنِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾ بِالنُّبُوَّةِ، ﴿وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا﴾ آيَةً وَعِبْرَةً، ﴿لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يَعْرِفُونَ بِهِ قُدْرَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا يَشَاءُ حَيْثُ خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ.
﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ أَيْ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَهْلَكْنَاكُمْ وَجَعَلْنَا بَدَلًا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً، ﴿فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ يَكُونُونَ خَلَفًا مِنْكُمْ يُعَمِّرُونَ الْأَرْضَ وَيَعْبُدُونَنِي وَيُطِيعُونَنِي. وَقِيلَ: يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
﴿وَإِنَّهُ﴾ يَعْنِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ يَعْنِي نُزُولَهُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ يُعْلَمُ بِهِ قُرْبُهَا، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَتَادَةُ: "وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ" بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْعَيْنِ أَيْ أَمَارَةٌ وَعَلَامَةٌ.
وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَتَهْلِكُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلُ كُلُّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ". (١)
وَيُرْوَى: "أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى ثَنِيَّةٍ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَعَلَيْهِ مُمَصَّرَتَانِ (٢)، وَشَعْرُ رَأْسِهِ دَهِينٌ، وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَقْتُلُ بِهَا الدَّجَّالَ، فَيَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَالنَّاسُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَيَتَأَخَّرُ الْإِمَامُ فَيُقَدِّمُهُ
(١) أخرجه البخاري في الأنبياء، باب: نزول عيسى بن مريم عليهما السلام: ٦ / ٤٩٠-٤٩١ ومسلم في الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برقم: (١٥٥) ١ / ١٣٥، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٨٠.
(٢) تثنية ممصرة وهي الثياب التي فيها صفرة خفيفة.


الصفحة التالية
Icon