اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ ذَلِكَ"؟ قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: "كَذِبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ"، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-وَهُوَ أَرْمَدُ-فَقَالَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ، حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ | شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ |
فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ | كَلَيْثِ غَابَاتٍ [كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ] (١) |
قَالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتْلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ (٢).
وَرَوَى حَدِيثَ خَيْبَرَ جَمَاعَةٌ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، يَزِيدُونَ وَيَنْقُصُونَ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ"، فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ: "امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ"، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ، صَاحِبُ الْحِصْنِ، وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ وَحَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ فَقَدَّ الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ وَفَلَقَ رَأْسَهُ حَتَّى أَخَذَ السَّيْفُ فِي الْأَضْرَاسِ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَرْحَبٍ أَخُوهُ يَاسِرٌ، يَرْتَجِزُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَقَالَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَيُقْتَلُ ابْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بَلِ ابْنُكِ يَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"، ثُمَّ الْتَقَيَا فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَحُ الْحُصُونَ، وَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ وَيَسْبِي الذُّرِّيَّةَ، وَيَحُوزُ الْأَمْوَالَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَوَّلُ حُصُونِهِمُ افْتُتِحَ حِصْنُ نَاعِمٍ، وَعِنْدَهُ قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ سَلَمَةَ،
(١) في"ب" شديد قسورة.
(٢) أخرجه مسلم مطولا في الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد، برقم: (١٨٠٧) : ٣ / ١٤٣٣-١٤٤١، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩-٢٢.
(٢) أخرجه مسلم مطولا في الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد، برقم: (١٨٠٧) : ٣ / ١٤٣٣-١٤٤١، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩-٢٢.