فِي بَعْضِهَا، وَرُوِّينَا عَنْهُ: "أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ" (١) وَعَنْهُ: "أَنَّهُ رَأَى بِعَيْنِهِ" (٢) قَوْلُهُ: "عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى" رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الْأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ تَعَالَى: "عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى"، قَالَ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ (٣).
وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: "ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ" (٤).
"وَالسِّدْرَةُ" شَجْرَةُ النَّبْقِ، وَقِيلَ لَهَا: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى لِأَنَّهُ إِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْخَلْقِ. قَالَ هِلَالُ بْنُ [يَسَافَ] (٥) : سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا عَنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَأَنَا حَاضِرٌ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا سِدْرَةٌ فِي أَصْلِ العرش على رؤوس حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْخَلَائِقِ، وَمَا خَلْفَهَا غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ (٦).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشَّرِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ فَنْجَوَيْهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمَسُوحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدُ بْنُ يَعِيشَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، قَالَ: "يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّ الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةَ عَامٍ وَيَسْتَظِلُّ فِي الْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةُ أَلْفِ رَاكِبٍ، فِيهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، كَأَنَّ ثَمَرَهَا الْقِلَالُ" (٧).
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ شَجَرَةٌ تَحْمِلُ الْحُلِيَّ وَالْحُلَلَ وَالثِّمَارَ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ، لَوْ أَنَّ وَرَقَةً وُضِعَتْ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَهِيَ طُوبَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرَّعْدِ.
(٢) ساق الحافظ ابن كثير رواية الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما "رأيت ربي عز وجل" وقال: "حديث إسناده على شرط الصحيح لكنه مختصر من حديث المنام": ٤ / ٢٥٢، ثم قال في الصفحة التالية: "وتقدم أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء، ويستشهد بهذه الآية (ولقد رآه نزلة أخرى) وتابعه جماعة من السلف والخلف وقد خالفه جماعات من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وغيرهم".
(٣) أخرجه مسلم في الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى برقم: (١٧٣) : ١ / ١٥٧.
(٤) قطعة من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه في المعراج، أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ٦ / ٣٠٢-٣٠٣، ومسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السموات وفرض الصلوات برقم: (١٦٢) : ١ / ١٤٥-١٤٧.
(٥) في "ب" يسار والصحيح ما أثبتناه.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٦٥٠ لابن أبي شيبة.
(٧) أخرجه الترمذي في صفة الجنة، باب ما جاء في صفة ثمار الجنة: ٧ / ٢٤٨-٢٤٩ وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، والطبري: ٢٧ / ٥٤-٥٥، والحاكم: ٢ / ٤٦٩ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه". وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٦٥٠ عزوه لابن مردويه.