بِهِ ضَرْبَيْنِ رَطْبًا وَيَابِسًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا فِي الدُّنْيَا ثَمَرَةٌ حُلْوَةٌ وَلَا مُرَّةٌ إِلَّا وَهِيَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى الْحَنْظَلُ إِلَّا أَنَّهُ حُلْوٌ (١).
﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) ﴾
﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ﴾، جَمْعُ فِرَاشٍ، ﴿بَطَائِنُهَا﴾، جَمْعُ بِطَانَةٍ، وَهِيَ الَّتِي تَحْتَ الظِّهَارَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَهِيَ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ. ﴿مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: هَذِهِ الْبَطَائِنُ فَمَا ظَنَّكُمْ بِالظَّوَاهِرِ (٢) ؟ وَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْبَطَائِنُ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فَمَا الظَّوَاهِرُ؟ قَالَ: هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ" (السَّجْدَةِ -١٧) (٣) وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَظَوَاهِرُهَا مِنْ نُورٍ جَامِدٍ (٤). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَصَفَ الْبَطَائِنَ وَتَرَكَ الظَّوَاهِرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَا الظَّوَاهِرُ (٥).
﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾، الْجَنَى مَا يُجْتَنَى مِنَ الثِّمَارِ، يُرِيدُ: ثَمَرُهَا دَانٍ قَرِيبٌ يَنَالُهُ الْقَائِمُ وَالْقَاعِدُ وَالنَّائِمُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَدْنُو الشَّجَرَةُ حَتَّى يَجْتَنِيَهَا وَلِيُّ اللَّهِ، إِنْ شَاءَ قَائِمًا وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا (٦). قَالَ قَتَادَةُ: لَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهَا بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ غَاضَّاتُ الْأَعْيُنِ، قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تَقُولُ لِزَوْجِهَا: وَعِزَّةِ رَبِّي مَا أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكَ زَوْجِي وَجَعَلَنِي زَوْجَتَكَ (٧). ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ﴾ لَمْ يُجَامِعْهُنَّ وَلِمَ [يَفْتَرِعْهُنَّ] (٨)
(٢) لم أجد القول منسوبًا لأبي هريرة وإنما هو لهبيرة كما ذكر الطبري: ٢٧ / ١٤٩ أو عن هبيرة بن مريم عن عبد الله بن مسعود كما ذكر ابن كثير: ٤ / ٢٧٨.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٧ / ١٤٩. وانظر: القرطبي: ١٧ / ١٧٩.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٧١٠ لأبي نعيم في الحلية.
(٥) انظر: القرطبي: ١٧ / ١٧٩.
(٦) انظر: البحر المحيط: ٨ / ١٩٧.
(٧) أخرجه الطبري: ٢٧ / ١٥٠.
(٨) الافتراع: إزالة البكارة.