وَاحِدَةً، ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.
﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (٤٨) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) ﴾
﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ "عَبْدَنَا" عَلَى التَّوْحِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ "عِبَادَنَا" بِالْجَمْعِ، ﴿إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُولِي الْقُوَّةِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى (١) ﴿وَالْأَبْصَارِ﴾ فِي الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ، أَيِ: الْبَصَائِرُ فِي الدِّينِ، قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: أُعْطَوْا قُوَّةً فِي الْعِبَادَةِ، وَبَصَرًا فِي الدِّينِ (٢).
﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ﴾ اصْطَفَيْنَاهُمْ ﴿بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾ قرأ ١٠٤/أأَهْلُ الْمَدِينَةِ: "بِخَالِصَةِ" مُضَافًا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّنْوِينِ، فَمَنْ أَضَافَ فَمَعْنَاهُ: أَخْلَصْنَاهُمْ بِذِكْرِ الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأَنْ يَعْمَلُوا لَهَا، وَالذِّكْرَى: بِمَعْنَى الذِّكْرِ. قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: نَزَعْنَا مِنْ قُلُوبِهِمْ حُبَّ الدُّنْيَا وَذِكْرَهَا، وَأَخْلَصْنَاهُمْ بِحُبِّ الْآخِرَةِ وَذِكْرِهَا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا يَدْعُونَ إِلَى الْآخِرَةِ وَإِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: أُخْلَصُوا بِخَوْفِ الْآخِرَةِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخْلَصْنَاهُمْ بِأَفْضَلِ مَا فِي الْآخِرَةِ (٣).
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّنْوِينِ فَمَعْنَاهُ: بِخُلَّةٍ خَالِصَةٍ، وَهِيَ ذِكْرَى الدَّارِ، فَيَكُونُ "ذِكْرَى" الدَّارِ بَدَلًا عَنِ الْخَالِصَةِ.
وَقِيلَ: "أَخْلَصْنَاهُمْ": جَعَلْنَاهُمْ مُخْلَصِينَ، بِمَا أَخْبَرْنَا عَنْهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْآخِرَةِ.
(٢) أخرجه االطبري: ٢٣ / ١٧٠، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ١٩٨ أيضا لعبد الرزاق وعبد بن حميد.
(٣) ذكرهذه الأقوال ابن كثير في تفسيره: ٤ / ٤١.