قَالَ مُقَاتِلٌ: تَنْزِعُ النَّارُ الْأَطْرَافَ فَلَا تَتْرُكُ لَحْمًا وَلَا جِلْدًا.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَنْزِعُ الْجِلْدَ وَاللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْعَصَبُ وَالْعَقِبُ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لِأُمِّ الرَّأْسِ تَأْكُلُ الدِّمَاغَ كُلَّهُ ثُمَّ يَعُودُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ تَعُودُ لِأَكْلِهِ فَذَلِكَ دَأْبُهَا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: لِمَكَارِمِ خَلْقِهِ وَأَطْرَافِهِ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لِمَحَاسِنِ وَجْهِهِ.
وَقَالَ ابْنُ [جَرِيرٍ] (١) "الشَّوَى" جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْتَلًا يُقَالُ: رَمَى فَأَشْوَى إِذَا أَصَابَ الْأَطْرَافَ وَلَمْ يصب المقتل (٢).
﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨) إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) ﴾
﴿تَدْعُوا﴾ أَيِ: النَّارُ إِلَى نَفْسِهَا ﴿مَنْ أَدْبَرَ﴾ عَلَى الْإِيمَانِ ﴿وَتَوَلَّى﴾ عَنِ الْحَقِّ فَتَقُولُ إِلَيَّ يَا مُشْرِكُ إِلَيَّ يَا مُنَافِقُ إِلَيَّ إِلَيَّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَدْعُو الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ ثُمَّ تَلْتَقِطُهُمْ كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الْحَبَّ. حُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ: أَنَّهُ قَالَ: تَدْعُو أَيْ تُعَذِّبُ. وَقَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِآخَرَ: دَعَاكَ اللَّهُ أَيْ عَذَّبَكَ اللَّهُ. ﴿وَجَمَعَ﴾ أَيْ: جَمَعَ الْمَالَ ﴿فَأَوْعَى﴾ [أَمْسَكَهُ] (٣) فِي الْوِعَاءِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ. ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ رَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ] (٤) "الْهَلُوعُ" الْحَرِيصُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: شَحِيحًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ضَجُورًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ: بَخِيلًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: جَزُوعًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ضَيِّقَ الْقَلْبِ. وَالْهَلَعُ: شِدَّةُ الْحِرْصِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ. وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَفْسِيرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ أَيْ: إِذَا أَصَابَهُ الْفَقْرُ لَمْ يَصْبِرْ، وَإِذَا أَصَابَ الْمَالَ لَمْ يُنْفِقْ. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: خَلَقُ اللَّهُ الْإِنْسَانَ يُحِبُّ مَا يَسُرُّهُ وَيَهْرَبُ مِمَّا يَكْرَهُ، ثُمَّ تَعَبَّدَهُ بِإِنْفَاقِ مَا يُحِبُّ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَكْرَهُ. ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ:
(٢) ذكره الطبري: ٢٩ / ٧٦.
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "ب".