قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ لِلتِّجَارَةِ يَطْلُبُونَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لَا يُطِيقُونَ قِيَامَ اللَّيْلِ.
رَوَى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ جَلَبَ شَيْئًا إِلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا فَبَاعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: "وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ" [يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ لِلتِّجَارَةِ يَطْلُبُونَ رِزْقَ الله] (١) "وآخرون ١٧٨/أيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (٢).
﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ أَيْ [مَا تَيَسَّرَ عَلَيْكُمْ] (٣) مِنَ الْقُرْآنِ. [قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ] (٤) كَانَ هَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَا سِوَى الزَّكَاةِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَقِرَى الضَّيْفِ. ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ، عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا﴾ تَجِدُوا ثَوَابَهُ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلَ مِمَّا أَعْطَيْتُمْ ﴿وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ مِنَ الَّذِي أَخَّرْتُمْ وَلَمْ تُقَدِّمُوهُ، وَنُصِبَ "خَيْرًا وَأَعْظَمَ" عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي، فَإِنَّ الْوُجُودَ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَهُوَ فَصْلٌ فِي قَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ وَعِمَادٌ فِي قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ لَا مَحَلَّ لَهَا فِي الْإِعْرَابِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبُخَارِيُّ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ بِالْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيُّكُمْ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مَنْ مَالِ وَارِثِهِ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ ارثه. قَالَ: "اعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" قَالُوا: مَا نَعْلَمُ إِلَّا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ [: "مَا مِنْكُمْ
(٢) عزاه ابن حجر في الكافي الشاف ص: (١٧٩) للثعلبي من رواية فرقد السبخي عن إبراهيم عن ابن مسعود موقوفا. وفرقد ضعيف. وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٣٢٣ لابن مردويه.
(٣) ساقط من "ب".
(٤) ساقط من "ب".