لَنَخْسَرَنَّ بِمَا يُصِيبُنَا بَعْدَ الْمَوْتِ.
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) ﴾
﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠) ﴾
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿فَإِنَّمَا هِيَ﴾ يَعْنِي النَّفْخَةَ الْأَخِيرَةَ ﴿زَجْرَةٌ﴾ صَيْحَةٌ ﴿وَاحِدَةٌ﴾ يَسْمَعُونَهَا. ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ يَعْنِي: وَجْهَ الْأَرْضِ، أَيْ صَارُوا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَمَا كَانُوا فِي جَوْفِهَا (١) وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْفَلَاةَ وَوَجْهَ الْأَرْضِ: سَاهِرَةٌ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ (٢) تَرَاهُمْ سَمَّوْهَا سَاهِرَةً لِأَنَّ فِيهَا نَوْمُ الْحَيَوَانِ وَسَهَرِهِمْ. قَالَ سُفْيَانُ: هِيَ أَرْضُ الشَّامِ (٣) وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ جَهَنَّمُ (٤) قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ يَقُولُ: قَدْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ مُوسَى. ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ (٥) فَقَالَ يَا مُوسَى ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ عَلَا وَتَكَبَّرَ وَكَفَرَ بِاللَّهِ. ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَيَعْقُوبُ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ: أَيْ تَتَزَكَّى وَتَتَطَهَّرَ مِنَ الشِّرْكِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ [بِالتَّخْفِيفِ] [وَأَصْلُهُ تَتَزَكَّى فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ الثانية في الزاء فِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى وَحُذِفَتْ فِي الثَّانِيَةِ، وَمَعْنَاهُ تَتَطَهَّرَ مِنَ الشِّرْكِ] (٦) أَيْ: تُسْلِمَ وَتُصْلِحَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ أَيْ: أَدْعُوكَ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ وَتَوْحِيدِهِ فَتَخْشَى عِقَابَهُ. ﴿فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى﴾ وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَدَ الْبَيْضَاءُ.
(٢) انظر الطبري: ٣٠ / ٣٥.
(٣) انظر الطبري: ٣٠ / ٣٧.
(٤) انظر الطبري: ٣٠ / ٣٨.
(٥) قال ابن جرير عند تفسير هذه الآية: ٣٠ / ٣٨ "وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدس، يعني بالمقدس: المطهر المبارك" ثم ذكر أقوالا كثيرة في معنى طوى.
(٦) ما بين القوسين ساقط من "ب".