قَالَ عِكْرِمَةُ: "الْفَاكِهَةُ" مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ، وَ"الْأَبُّ" مَا يَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ. وَمِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْفَاكِهَةُ لَكُمْ وَالْأَبُّ لِأَنْعَامِكُمْ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَنْبَتَتِ [الْأَرْضُ] (١) مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ.
وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: "وَفَاكِهَةً وَأَبًّا" فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ (٢).
وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ هَذَا قَدْ عَرَفْنَا فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ رَفَضَ عَصًا كَانَتْ بِيَدِهِ وَقَالَ: هَذَا [وَاللَّهِ] (٣) لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ، وَمَا عَلَيْكَ يَا ابْنَ [أَمِّ] (٤) عُمَرَ أَنْ لَا تَدْرِيَ مَا الْأَبُّ، ثُمَّ قَالَ: اتَّبِعُوا مَا تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا لَا [تَبَيَّنَ] (٥) فَدَعُوهُ (٦).
﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) ﴾
﴿مَتَاعًا لَكُمْ﴾ مَنْفَعَةً لَكُمْ يَعْنِي الْفَاكِهَةَ ﴿وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ يَعْنِي الْعُشْبَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْقِيَامَةَ فَقَالَ: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ﴾ يَعْنِي صَيْحَةَ الْقِيَامَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَصُخُّ الْأَسْمَاعَ، أَيْ تُبَالِغُ فِي الْأَسْمَاعِ حَتَّى تَكَادَ تُصِمُّهَا. ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِشَغْلِهِ بِنَفْسِهِ.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" صفحة (١٨٢) "رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي، أن أبا بكر - رضي الله عنه - سئل عنه، فذكره - ورواه ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد من هذا الوجه. وهذا منقطع. ورواه يحيى الحماني وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" صـ (٣٥٣) من طريقه من رواية إبراهيم النخعي عن أبي معمر عن أبي بكر فذكره". وانظر: الدر المنثور: ٨ / ٤٢١، تفسير ابن كثير: ٤ / ٤٧٤.
(٣) زيادة من "ب".
(٤) ساقط من "أ".
(٥) زيادة من "ب".
(٦) أخرجه عبد الرزاق في التفسير: ٢ / ٣٤٩، وابن سعد في الطبقات: ٣ / ٣٢٧، والطبري: ٣٠ / ٥٩، ٦١، وصححه الحاكم: ٢ / ٥١٤. وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٤٢١-٤٢٢ عزوه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في "الشعب" والخطيب وانظر: الكافي الشاف، صفحة (١٨٢). قال ابن كثير بعد أن ساق رواية الطبري: ٤ / ٤٧٤: "وهذا إسناد صحيح وقد رواه غير واحد عن أنس به، وهو محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض كقوله: (فأنبتنا.. الآية).