مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى [بْنِ أَيْوبَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا] (١) يَحْيَى بْنُ أَيْوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُوتِرُ بَعْدَهُمَا بِـ"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" وَ"قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" وَفِي الْوَتْرِ بِـ"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" وَ"قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" وَ"قُلْ أَعُوَذُ بِرَبِّ النَّاسِ" (٢). سُورَةُ الْغَاشِيَةِ مَكِّيَّةٌ (٣) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) ﴾
﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ يَعْنِي: قَدْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْقِيَامَةِ، تَغْشَى كُلَّ شَيْءٍ بِالْأَهْوَالِ.
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿خَاشِعَةٌ﴾ ذَلِيلَةٌ.
﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الَّذِينَ عَمِلُوا وَنَصَبُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَكُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ، مِثْلَ الرُّهْبَانِ وَغَيْرِهِمْ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمُ اجْتِهَادًا فِي ضَلَالَةٍ، يَدْخُلُونَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَمَعْنَى النَّصَبِ: الدَّأْبُ فِي الْعَمَلِ بِالتَّعَبِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي، نَاصِبَةٌ فِي الْآخِرَةِ فِي النَّارِ (٤).
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَامِلَةٌ فِي النَّارِ نَاصِبَةٌ فِيهَا. قَالَ الْحَسَنُ: لَمْ تَعْمَلْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ بِمُعَالَجَةِ السَّلَاسِلِ، وَالْأَغْلَالِ. وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (٥).
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَخُوضُ فِي النَّارِ كَمَا تَخُوضُ الْإِبِلُ فِي الْوَحْلِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَجْرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار: ١ / ٢٨٥، والدارقطني في السنن ١ / ٢٤، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ١ / ٣٠٥ ووافقه الذهبي، وابن حبان، صفحة (١٧٥) من موارد الظمآن، والبيهقي في السنن ٢ / ٣٧، والمصنف في شرح السنة: ٣ / ٩٩-١٠٠. وأعله ابن الجوزي بيحيى بن أيوب، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقد أنكر الإمام أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين، وروى ابن السكن في "صحيحه" له شاهدا من حديث عبد الله بن سرجس بإسناد غريب. انظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي: ٢ / ١٠٦٠-١٠٦١، تلخيص الحبير ٢ / ١٨-١٩.
(٣) أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت سورة الغاشية بمكة. وأخرج ابن مردويه عن الزبير مثله. انظر: الدر المنثور: ٨ / ٤٩٠.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٤٩١ لابن أبي حاتم.
(٥) انظر: الطبري: ٣٠ / ١٦٠.