لَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، فَلَمَّا صَنَعَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا صَنَعَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِيهَا مَا صَنَعَ.
وَتَكَلَّمَتِ الْحُكَمَاءُ فِي وَجْهِ تَخْصِيصِ الْإِبِلِ مِنْ بَيْنٍ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ؛ فَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا بَهِيمَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَلَمْ [يُشَاهِدِ] (١) الْفِيلَ إِلَّا الشَّاذُّ مِنْهُمْ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لِأَنَّهَا تَنْهَضُ بِحِمْلِهَا وَهِيَ بَارِكَةٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ارْتِفَاعَ سُرُرِ الْجَنَّةِ وَفُرُشِهَا، فَقَالُوا: كَيْفَ نَصْعَدُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقِيلَ لَهُ: الْفِيلُ أَعْظَمُ فِي الْأُعْجُوبَةِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْفِيلُ فَالْعَرَبُ بَعِيدَةُ الْعَهْدِ بِهَا. ثُمَّ هُوَ [لَا خَيْرَ فِيهِ] (٢) لَا يُرْكَبُ ظَهْرُهَا وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَلَا يُحْلَبُ دَرُّهَا، وَالْإِبِلُ أَعَزُّ مَالٍ لِلْعَرَبِ وَأَنْفَسُهَا تَأْكُلُ النَّوَى وَالْقَتَّ وَتُخْرِجُ اللَّبَنَ.
وَقِيلَ: [إِنَّهَا] (٣) مَعَ عِظَمِهَا تَلِينُ لِلْحِمْلِ الثَّقِيلِ وَتَنْقَادُ لِلْقَائِدِ الضَّعِيفِ، حَتَّى إِنَّ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ يَأْخُذُ بِزِمَامِهَا فَيَذْهَبُ بِهَا حَيْثُ شَاءَ، وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَقُولُ: اخْرُجُوا بِنَا إلى [كناسة اسطبل] (٤) حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (٥).
﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) ﴾
﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾ عَنِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَنَالَهَا شَيْءٌ بِغَيْرِ عَمْدٍ.
﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ [مُرْسَاةً] (٦) لَا تَزُولُ.
﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾ [بُسِطَتْ] (٧) قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَ الْإِبِلِ، أَوْ يَرْفَعَ مِثْلَ السَّمَاءِ، أَوْ يَنْصِبَ مِثْلَ الْجِبَالِ، أَوْ يَسْطَحَ مِثْلَ الْأَرْضِ غَيْرِي؟.

(١) في "ب" يشاهدوا.
(٢) في "ب" خنزير لأنه.
(٣) في "ب" لأنها.
(٤) في "ب" الكناسة.
(٥) أخرجه الطبري: ٣٠ / ١٦٥.
(٦) في "ب" مرسلة.
(٧) ساقط من "ب".


الصفحة التالية
Icon